حتـى لا يتعثـر حوار جنيف مرة ثانية

 منذ وصول مبعوث الأمم المتحدة إلى صنعاء يوم الجمعة الماضي وجرائم النظام السعودي بحق اليمنيين تزداد ضراوة يوما بعد يوم وفي ظلها تتفاقم الأوضاع الإنسانية وتتردى الحالة الأمنية. ويصعب في أجواء كهذه مواصلة المناقشات التمهيدية لإطلاق مؤتمر جنيف الذي تعثر انعقاده حتى الآن نظرا لإصغاء المسؤولين الأمميين للاشتراطات السعودية التي لا تستقيم وحقائق الوقائع الميدانية التي قادت إليها الثورة الشعبية 21 سبتمبر 2014م.
وإذا كانت الرياض ما تزال متمسكة بالمبادرة الخليجية التي انتهت عمليا باختتام مؤتمر الحوار الوطني فالأحرى بالأمم المتحدة ومبعوثها الجديد إلى اليمن البناء على اتفاقية السلم والشراكة بين القوى السياسية اليمنية التي صيغت بنودها برعاية الأمم المتحدة وبإشراف المبعوث الأممي السابق. وكذلك الأمر بالنسبة لحوار “موفمبيك” الأخير الذي كادت الأطراف السياسية أن تتوصل على طاولته إلى حل توافقي بشأن الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية والشراكة الوطنية في الحكومة.
اضنف إلى ذلك أن الأمم المتحدة معنية بإشراك القوى السياسية الفاعلة في مؤتمر جنيف المرتقب وعلى نحو متوازن. ولن يتأتى ذلك إلا إذا تفهم المبعوث الأممي الجديد حقيقة التوازنات السياسية الجديدة المنبثقة عن الإرادة الشعبية المؤيدة لثورة 21 سبتمبر والمناهضة للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
وإذا كانت القوى السياسية اليمنية قد تعاطت مع مهمة المبعوث الأممي بمرونة عالية من منطلق إبداء حسن النوايا أولا وحتى لا تكون الشروط المسبقة حجر عثرة أمام الحوار وحلحلة العملية السياسية فقد كان منتظرا من الأمم المتحدة أن تكون أكثر صرامة في التعامل مع الاشتراطات السعودية خاصة وأن تأجيل مؤتمر جنيف قد عطل المهام الإنسانية التي يتعين على الأمم المتحدة الاضطلاع بها قبل أي شيء آخر.
لقد استبشر اليمنيون بتحرك الأمم المتحدة في إطار وقف إطلاق النار ورفع الحصار الشامل عن اليمن وتغاضوا عن مرونة وتنازلات الأطراف السياسية تجاه مؤتمر جنيف المرتقب لكنهم  لن يسكتوا طويلا إن وجدوا أنفسهم أمام لعبة أممية جديدة. ومن هنا يتعين على المبعوث الأممي التعاطي المسؤول مع حقائق الواقع والإمساك بزمام المبادرة حتى لا يتعثر حوار جنيف مرة ثانية! 

قد يعجبك ايضا