عن أخلاق السياسة وضمير الساسة

عبدالله الدهمشي
قد يكون الحديث عن ضمير الساسة وأخلاق السياسة مذموما بإطلاق أو غير مستحسن في معظم جوانب العمل السياسي وشؤونه المختلفة, ذلك أن السياسة, في الفكر والممارسة, قرينة الدهاء الماكر والقادر على تحقيق المصالح المحددة للساسة بكل الوسائل المتاحة لذلك بغض, النظر عن مسؤولية الضمير الإنساني وحكم الأخلاق.
والسياسية, متحررة من حكم الأخلاق والضمير, تعني القوة والقدرة على استخدامها في ساحة الصراع للحسم والانتصار, وهنا يكون إخضاع القوة لحكم الأخلاق ومسؤولية الضمير سفها يعود على صاحبه بالخيبة والخسران, ومع ذلك فإن كل سياسة عرفها تاريخ الإنسانية, بررت موقفها واتجاهه بدوافع وغايات منبثقة من القيم ومحكومة بالأخلاق.
ما نريده تحديدا من حديثنا هنا عن أخلاق السياسة وضمير الساسة هو ما تفرضه اللحظة العصيبة التي تمر بها اليمن وما تحمله من مخاطر محدقة بحاضر الوطن ومستقبله, والتي لا تتطلب بل ولا تقتضي من أطراف الأزمة وجميع القوى اليمنية, غير ضمير وطني صادق في السياسة ومخلص لها بالقول والفعل.
تقول تجربتنا السياسية في تاريخها الطويل, وفي سنوات الفترة الانتقالية, إن العلة تكمن في غياب ضمير الساسة وفي انتقاء أخلاق السياسة, حتى استطاع الدهاء السياسي بقوى مكره أن يدمر أهله ويدمر بهم ومعهم وطنا وشعبا لم يعد بمقدورهما تحمل المزيد من هذا الدهاء الغبي والمكر القاتل.
لعل العبر التاريخية من تجربتنا السياسية  تدفعنا إلى مطالبة الساسة اليمنيين بالصدق مع النفس والغير, ثم الإخلاص لهذا الصدق في السر والعلن, وفي السراء والضراء, عل هذا الصدق المخلص قولا وفعلا, يخرجنا من ظلمات الحيل والخداع إلى أنوار الحق والعدل والسلام, فلقد أضر بنا المكر وأهلكنا الدهاء ووصلنا بهما إلى شفا الانهيار وجحيم الدمار والاقتتال.
لن أطالب القوى التي تتركنا الآن لجبال الخوف والقلق من الوضع المضطرب وهي تناور في دهاليز الحوارات السرية, أقول لن أطالب هذه القوى بغير الصدق مع نفسها والشعب, ثم الإخلاص لما صدقت فيه من مواقف وتسويات, حتى نصل جميعا إلى الوضع الذي يتسع للكثير والقليل مما لديهم من دهاء ومكر سياسيين ويكون بمقدور الوطن والشعب عندئذ تحملهما وما يترتب عليهما من نتائج وآثار.
وأنا على يقين أنه ليس كثيرا ولا عسيرا, على القوي اليمنية وأحزابها السياسية أن تمارس السياسة بصدق وإخلاص, فمن الخير لها الآن وغدا أن تحتكم لأخلاق الصدق والإخلاص ولضميرها الإنساني والوطني.
albadeel.c@gmail.com

قد يعجبك ايضا