إلى أين يمضي آل سعود في حربهم¿
إذا أمعن المرء في النظر إلى ما يجري حوله وعلى امتداد ساحة وطننا العربي الكبير فإنه يصاب بكثير من الدهشة والاستغراب مما يحصل هنا وهناك.
وكان آخرها الحملة التي قادها آل سعود ضد اليمن هذا البلد العربي الجار الذي من حقه على السعودية أن تسهم في مساعدته وتخفيف معاناته من كل النواحي ولاسيما الاقتصادية منها نتيجة وضعه المعروف للقاصي والداني فبدلا من أن تقدم بعض الملايين وليس المليارات من الدولارات لأبناء هذا البلد الذي تربطهم به أوثق علاقات القربى والقومية وغيرهما لتأخذ بيده في محاربته لتنظيم «القاعدة» الذي يعد الأقوى في اليمن وهي بدورها تدعي محاربته¿
فيذهب آل سعود لشراء الأسلحة من الغرب الأميركي والأوروبي بمئات مليارات الدولارات ويعملون بذلك على دعم اقتصاد الغرب وتشغيل مصانع أسلحته وتحريك دورته الاقتصادية فهي لا تكتفي بذلك وإنما تعود لتصب هذه الحمم النارية على رؤوس هؤلاء الفقراء الذين كانوا يتأملون من أشقائهم أن يمطروهم بما لديهم من غذاء ودواء وأن يضخوا بعضا من هذه المليارات للاستثمار في اليمن وتحريك اقتصاده من خلال إقامة معمل هنا وهناك في هذه المحافظة أو تلك إلا أنه وبكل أسف نجد أن آل سعود لم يستفيدوا قط من التاريخ القريب ولا البعيد ونسوا ما قاله مليكهم المؤسس عبد العزيز آل سعود عن اليمن في أنه مقبرة العثمانيين والغزاة وحذر أبناءه من التقدم نحو صنعاء في ذلك الوقت أي في بداية الثلاثينيات من القرن المنصرم ولا أحد ينسى حرب الرئيس جمال عبد الناصر في اليمن سنة اثنتين وستين وتسعمئة وألف وما حصل لجيشه الذي أرسله إلى اليمن يومها فكما تذكر المصادر التي تناولت تلك الحرب أن أكثر من نصف ذلك الجيش كان بين قتيل وجريح وقد تم دفن معظمهم في أرض اليمن الوعرة.
وكشفت مؤخرا الصحافة الإسرائيلية عن دور للكيان الصهيوني في حرب اليمن والهدف منه يومها استنزاف الجيش العربي المصري وتوجيه ضربة للرئيس ناصر وما كان يشكله على الساحة العربية من بعد قومي ووحدوي في مواجهة الكيان الصهيوني خاصة والاستعمار بمختلف أشكاله عامة وبكل أسف لا يخفى على أحد موقف آل سعود من عبد الناصر يومها وما قاموا به من تحريض أيضا على كل من مصر وسورية والدور المشبوه الذي أدوه في حرب سبعة وستين وتسعمئة وألف وها هم اليوم يكررون المشهد ولكن بأساليب جديدة فاليوم يحذرون مما سموه «الخطر الإيراني» المفترض وبحسب زعمهم أن «لإيران أطماعا في اليمن»¿ أما الكيان الإسرائيلي فلا يشكل أي خطر عليهم وعلى الأمة العربية¿ هذا الكيان الذي احتل الأرض ويعيث فسادا في المقدسات وفي بناء المزيد من المستوطنات ويمتلك ترسانة نووية لا تشكل خطرا على العرب فحسب وإنما على المنطقة برمتها بل والعالم فينظرون إليه على أنه الصديق ويتحالفون معه نهارا جهارا بحجة مواجهة «الخطر الجديد» الذي يتهددهم من «قبل إيران»¿
واستطاعوا عبر تأثيرهم في بعض الأنظمة العربية واستخدام نفوذهم المالي على هذه الأنظمة وبدعم من الغرب والكيان الصهيوني نفسه أن يأخذوا قرارا من الجامعة التي يصح تسميتها بأي اسم عدا «الجامعة العربية» فهي تعمل لمصلحة عدو العرب وليس لمصلحة العرب فمعاهدة الدفاع العربي المشترك جاءت لمواجهة العدو الصهيوني ومواجهة أي اعتداء خارجي يتعرض له بلد عربي¿ فها هو النظام السعودي يتصرف على النقيض تماما يحول استخدام المعاهدة لمصلحة العدو الصهيوني ولمهاجمة دولة عربية شقيقة هي عضو في الجامعة وكما قلنا تحت ذرائع وهمية وغير صحيحة ويتسلح بقرار ما يسمى «الجامعة» ويعمل على استصدار قرار من مجلس الأمن ضد اليمن وشعبه المناضل الذي يرد العدوان عنه ونسي آل سعود ومن على شاكلتهم من الأنظمة العربية مآل قرارهم فيما يخص ليبيا وتداعياته وكيف تحولت ليبيا اليوم إلى بلد يحكم من مجموعات مسلحة متطرفة لها مشارب مختلفة وعلى الرغم من الانتخابات ووجود برلمان وتدخل المجتمع الدولي وغير ذلك إلا أن الفوضى هي العنوان المهيمن هناك وهذا كله يصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي يهدف دائما ومنذ نشأته إلى تقسيم العرب واستنزاف ثرواتهم وإضعاف قواهم وجعلهم دولا طائفية وإثنية متصارعة فيما بينها ليبقى هو الأقوى في المنطقة التي عمل مع حلفائه لإعادة صياغتها من جديد تحت مسميات مختلفة من «شرق أوسط جديد أو موسع أو كبير» والغاية من كل ذلك ضرب المفهوم القومي العربي وتماهي الكيان الصهيوني مع دول المنطقة وتاليا سيصلون في يوم ليس ببعيد إلى المطالبة بتغيير اسم الجامعة العربية حتى من الناحية الشكلية لتصبح «جامعة دول الشرق الأوسط»¿.
وهنا نعود إلى حرب اليمن وإلى دور آل سعود المشبوه في هذه الحرب والدور الإسرائيلي الخبيث القديم – الجديد ونقول لهؤلاء جميعهم: إن اليمن س