المؤسسات الإعلامية.. قياداتها ونقاباتها
بالرغم من معرفتنا بأن الحريات الصحفية والإعلامية هي رأس الحريات العامة وان عمل الإعلام يختص بالتنوير.. تنوير الناس بالحقائق والمعلومات الصحيحة والآراء النيرة حول حياتهم في مختلف شؤونها وأوضاع وطنهم وخلق مستوى من الوعي لديهم للنهوض بأوضاعهم الحياتية والمعيشية والعملية والتعاون والتكاتف لبناء وطن يتسع للجميع يعملون فيه معا ويبنونه كل في مجال عمله ونشاطه.. هذه المهمة للإعلام ليست بالبسيطة أو السهلة أو الهينة فهي تتطلب علما ودراية وقدرات وأساليب عمل وطنية وإنسانية . لكن الإعلام في بلدنا (صحف , إذاعات , قنوات فضائية , مواقع الكترونية صحفية, ووكالات أنباء) الخ لا تقوم بهذه المهمة بالشكل والمستوى المطلوب إلا القليل منها بل نجد كثيرا من وسائل إعلامنا تقف موقف مغاير لمهمتها الأصلية والأصيلة تلك وتعمل في الاتجاه المعاكس لها وما في ذلك من ضرر وخطر على الوطن والمواطنين فبدلا من إنارتها السبيل لمختلف فئات شعبنا تقوم بنسج المزيد من المعميات أمامها وتضاعف من حيرتها وتخبطها وبدلا من بحثها عن أفضل السبل لحل المشاكل المعقدة أمام الناس نجدها تكيل لهم ما يوقعهم في الشك والظنون وعدم التركيز في ما يجب أن يصلوا إليه من حلول تحفظ حق الجميع وحق الوطن وتضع حدا لأزماتنا التي تتابع كموج البحر الهائج تدفع الواحدة منها ما أمامها نحو أوساط أبناء وبنات شعبنا وداخل مرافق عملنا ومزارعنا ومختلف شؤون عملنا وحياتنا .
لقد بحث طويلا عن كلمة يمكن أن أصف بها عملنا الإعلامي فلم أجد سوى … العشوائية … نعم كثير من الدلائل والوقائع في عملنا الإعلامي تدمغه بهذه العشوائية. وقبل أن نواصل حديثنا حول هذه العشوائية لابد من التذكير بأن نهوض الإعلام أو انحطاطه ليست مسؤولية العاملين في مرافقه المختلفة فقط بل هي أيضا مسؤولية كل من وما له علاقة بالعمل الإعلامي… الحكومة بوزاراتها المختصة والمعنية والجامعات بكلياتها المختصة بالصحافة والإعلام ونواب الشعب والأحزاب والمراكز الصحفية والإعلامية والبحثية وغيرها وغيرها كما سبق لنا القول كل ما ومن له علاقة بالإعلام. على هؤلاء جميعهم العمل باتجاه خلق وتطوير عمل إعلامي يخدم الشعب والوطن والحد من تبعيته لأي جهة كانت غيرهما مهما كانت صفتها أو موقعها أو نفوذها أو سيطرتها وإقامة مرافق العمل الإعلامية بما تحتاجه من معدات وأدوات والدفع بالقدرات الصحفية والإعلامية لأخذ مواقع عملها واختيار القيادات القادرة على إدارة هذا العمل الكبير .
في عمود كهذا لا يمكننا تناول مهمات هؤلاء جميعا إلا بإشارات هنا أو هناك, إلا أننا سنتحدث عن المنتسبين للعمل في الحقل الصحفي والإعلامي والقيادات الإدارية ثم القيادات النقابية في مرافق الإعلام المختلفة لما لها من دور كبير ومباشر في تنفيذ المهام الملقاة على الإعلام والسعي المتواصل لتطوير أساليب العمل بما يعود بالخير على البلاد والعباد .
مسألة الإدارة في الدول المتخلفة ومنها بلدنا هي السبب إلى حد كبير وبعيد في نجاح العمل الذي تقوم بإدارته أو فشله , فما هو ( حظ) مرافق إعلامنا في إدارات ناجحة أو فاشلة تتولى أمورها. وأقول حظ ووضعتها بين قوسين فلا أعتقد أن لدى وزارة الإعلام لوائح مفصلة تبين الشروط اللازم توفرها للعناصر القيادية المختلفة ( رئيس مجلس الإدارة , نواب الرئيس, رئيس تحرير, مدير عام , ونوابه) . وغالبا ما نجد الظرف القائم في البلد وراء الدفع بعناصر قيادية إلى هذا المرفق أو ذاك وكذلك الأحزاب التي تسعى بدورها لتحصل لأعضائها على جزء من غنيمة هذه المناصب وهناك قوى النفوذ والسيطرة التي تعمل جاهدة بأن يكون لها ضلع وأذرع داخل هذه القيادات… غالبا ما يتم اتباع الكثير من الشروط التي تتوالى تباعا من مختلف الجهات لتكليف وتعيين عناصر القيادات إلا الشروط المهنية الأساسية اللهم فيما نذر وهنا قد نجد مثلا أن القائد المهني الأول في المرفق قد أحيط بنواب ومساعدين لا علاقة لهم بالإعلام وارتباطاتهم بأحزاب سياسية أو قوى نافذة هي التي جاءت بهم وبات عليهم مراعاة مصالحها وان تناقضت مع مصلحة العمل الإعلامي وهنا نجد أن عدم الانسجام في عناصر القيادات الإعلامية هو السائد تقريبا في مجالس القيادة فكيف يمكن لعناصر غير متناغمة أو متفاهمة أن تمسك بدفة السفينة. .
وفي مسألة مجيء عناصر قيادية من خارج العمل الإعلامي في الوقت الذي يكتظ وسطه بعناصر صحفية وإعلامية مجربة صاحبة خبرة مارست العمل الإداري الصحفي في مختلف مستوياته سنوات طويلة , لماذا لا يتم تعيين أو تكليف هؤلاء.. إن تعيين قيادات من خارج العمل الإعلامي لا يكون إلا نادرا ولتاريخ هؤلاء أو هذا المعين الطويل في العمل المدني والحقوقي والدفاع عن مصالح الناس وفي القيادات الإدارية المختلفة لهذا فإن ردة فعل العاملين في الحقل الإعلامي للعناصر القيادية الغريبة غير المجربة كبيرة وعنيفة لأنهم سيتعاملون مع عنصر لا يفهم كثيرا في شؤون عملهم كذل