يملكون ولا يحكمون
حكام شعبنا اليمني ( هكذا يسمون أنفسهم) والذين حكمونا طويلا هم ليسوا بحكام أنهم ملاك وهناك فرق كبير بين المالك والحاكم. انهم لم يأتوا إلى السلطة ليحكموا بين الناس بل جاؤوا ليملكوا كل شيء الأرض وما عليها من مواد وعباد وما في باطنها وأحشاء بحارها وأنهارها من ثروات..اعتقادهم الراسخ أنهم أحق بكل ذلك من غيرهم .
إذا كان حكامنا لا يحكمون فماذا يفعلون¿ انهم يسعون وراء الثروة..شغلهم الشاغل البحث عنها والاستيلاء عليها لصالحهم..همهم أن تكون في حوزتهم داخل البلاد أو خارجها بعيدا عن أيدي وأنظار الآخرين حتى لا يأتي اليوم الذي يحاسبهم فيه الناس فترفع الأقنعة وتكشف الأسرار وتقدم الأدلة فوق طاولة القضاء.
وبالرغم من استيلائهم على ثروات البلاد وحقوق ومستحقات العباد فإنهم في جوع مقيم يدفعهم إلى البحث عن مزيد من الثروات فهي عندهم سبب وجودهم واستمرارهم في مراكز العزة والجاه والنفوذ والقوة سواء كانوا في السلطة وفوق كراسيها أو خارجها وبعيدا عنها..إنها وسيلتهم للبقاء في السلطة وفي العودة إليها إذا ما أخرجوا منها.
تعالوا بنا نتفاهم في كلمات بسيطة عن هذا الحكم الذي يقوم به أو يفترض أن يقوم به حكامنا. ألا نردد أن العدل أساس الملك أو الحكم, أي انه على الحاكم أن يحقق العدل لأبناء شعبه ويحفظ لهم حقوقهم بما يؤدي إلى تحسين مستوى حياتهم وتربية أجيال الغد,فهل ذلك هو ما يحدث ونراه ونسمعه ونعيشه ونتعايش معه¿ لا أعتقد أن أحدا يمكن أن يجيب بنعم..إن ما عرفناه ونعرفه حتى الآن هو.. أن الأعباء الملقاة على أبناء الشعب تزيد ولا تنقص .. الحاكم لا يقلقه مستوى وطبيعة حياة الناس ضعيفة كانت أو غير صحية أو حتى متدهورة ولا يعنيه وقف هذا التدهور وتغيير هذه الحياة إلى الأفضل أو حتى تحسينها درجة اثر أخرى ما يقلق الحاكم هو الحفاظ على وضعه ووسيلته الرئيسية هي البحث عن مزيد من ثرواث الوطن بمختلف أشكالها وكيف سيقوم بتصريفها لصالحه هو أولا . أليس من العجائب والغرائب انه مثلا عند اكتشاف مزيد من الثروات النفطية أو الغازية في بلادنا وانتظار الناس أن تعود عليهم بالخير وتحسين أحوالهم لا نجد إلا وقد أخذت الأسعار في الارتفاع وتضع الحكومة التزامات مالية جديدة على المواطنين تأديتها… أذكر أني كتبت ذات يوم ( قبل حوالي سنوات عشر) بعد اكتشاف آبار نفطية جديدة في حضرموت وارتفاع الأسعار في نفس الوقت , أن طلبت من رجال الصحافة والإعلام ونسائها ألا يكتبوا عن أي اكتشاف جديد للثروة في بلادنا وطالبت حينها بكسر أقلامهم بل ومعاقبة المخالفين منهم… السبب أن أي كشف جديد للثروات في البلاد لا يؤدي إلا إلى (كشف حال الناس) وتجريعهم مزيدا من المرارة.
السبب في هلع الحكام وجشعهم وتماديهم في نهب ثروات البلاد وإفقار الناس هو عدم وجود أي مانع أو رادع يقف في وجوههم أو حتى أي شكل من أشكال مسألتهم , لم ينطق أحد فيما يخص ثروات الحكام .. لا مجلسي النواب والشورى والنيابات ولا أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد وعلى العكس من ذلك القانون يقف إلى جانبهم وفي صفهم. كيف يمكن ان نطلب من حكامنا القيام بمهام الحكم وبيننا وبينهم حواجز إسمنتية مسلحة . كيف نقرأ ونعرف ما سجل في إقرار الذمة المالية لرئيس أكبر دولة في العالم ولا نعرف ماذا في إقرار الذمة المالية لأصغر حاكم عندنا كيف يتم محاكمة كبار المسؤوليين والحكام في الدول المتقدمة ولا نستطيع حتى السؤال حول تصرفات كثير من حكامنا.
لن يتغير الحال إلا بتغيرات جذرية لشؤون الحكم والحكام.
Wams2013@hotmail.com