شرعية السعودية!!

توقعت مثل كثير من المتابعين أن تسارع وزارة الخارجية السعودية إلى إصدار بيان استدراك وتصحيح واعتذار عما جاء على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل بشأن اليمن في مؤتمره الصحافي المشترك مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري الخميس في الرياض.
مرور تصريح الفيصل في حديثه عن “سعادة السعودية بعودة هادي إلى اليمن الجنوبي” من دون استدراك سعودي رسمي عاجل وعبر الترسانة الإعلامية للسعودية الرسمية والتجارية المباشرة وغير المباشرة ينذر بتبعات سلبية على العلاقات اليمنية – السعودية رسميا وشعبيا!!.
أن لا يصدر عن الجارة السعودية بيان رسمي يعتبر ما جاء على لسان وزير خارجيتها “زلة لسان” وعثرة كلام غير مقصود ويعتذر عنها لليمن واليمنيين علنا يعني فيما يعنيه أن الحديث السعودي عن “اليمن الجنوبي” مقصود ومتعمد وله ما بعده ويفصح عن توجه لا يحمد عقباه مطلقا!!.
الدور السعودي في اليمن وإزاء أزمته لا تنقصه مثل هذه التصريحات فحوله -كما نعلم- تدار كثير من الشبهات وتثار تجاهه كثير من التشككات وتوجه إليه كثير من الاتهامات مثلما تسري بشأنه تحليلات وتكهنات تلتقي جلها في وصمه بالسلبي المؤجج للأزمة وتداعياتها لا المعالج للأزمة وانفراجاتها!!.
بتصريح الفيصل يصبح الدور السعودي حيال الأزمة في اليمن على المحك ما يعاظم أهمية استدراك الجارة السعودية سريعا ما جاء فيه خصوصا أنه يتزامن مع حديث الفيصل عن ما تسميه “شرعية” الرئيس المستقيل هادي والتي تعلم أنها لم تكن دستورية أو انتخابية بل توافقية سياسية لمهمات وفترة محددة انتهت قبل عام!!.
موقف الجارة السعودية من الأزمة القديمة المتجددة في اليمنسيكون من دون استدراك عاريا عن حسن النية والمسعى أو نبل الغاية “دعم أمن اليمن واستقراره وصون وحدته وسلامته وسيادة أراضيه” التي تشدد عليها قرارات مجلس الأمن وبيانات مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية.
حتى وإن كان الموقف السعودي المعلن يتفق مع المواقف الإقليمية والدولية بشأن أمن اليمن واستقرار وحدته وسيادته إلا أن بقاء تصريح الفيصل من دون استدراك واعتذار يجعله قريبا من السماح أو الاسهام بتفجير الوضع في اليمن واندلاع حرب أهلية ذات طابع تشطيري مناطقي وفكري مذهبي تقود إلى انهيار اليمن ودماره كليا!!.
وبصرف النظر عن انعدام مشروعية اضطلاع وزير خارجية السعودية بمهمة خلع “الشرعية” على الرئيس المستقيل هادي ونزع الشرعية عن الرئيس المنتخب بشار الأسد!!.. يبقى المطلوب من الجارة السعودية الاضطلاع بدور إيجابي في اليمن لإنهاء أزمته السياسية والاقتصادية لا إذكاؤها ومعالجة آثارها لا مضاعفة تداعياتها!!.
مثل هذا الدور المطلوب والمفترض من الجارة السعودية وباقي دول الخليج لن يجني ثماره الايجابية اليمن وحده بل السعودية ودول المنطقة كافة والعكس صحيح حيال أي دور سلبي لن يدفع اليمن وحده ثمنه من أمنه واستقراره وسلامته وشعبه بل دول المنطقة كافة والعالم برمته بدءا بجيران اليمن!!.
تلك حقيقة موضوعية ونتيجة واقعية حتمية ما من شك في إدراك الجارة السعودية ودول الخليج كافة لهذه الحقيقة لكن ما يبعث على الشك في إمكانية إغفالها أو تجاهلها هو مرور تصريحات سعود الفيصل وزير خارجية السعودية من دون استدراك سعودي سريع واعتذار رسمي علني وتصحيح ومراجعة ملحة للمسار.
تحتاج الجارة السعودية ودول الخليج كافة أكثر من اليمن نفسه إلى ضمان الأمن والاستقرار في منطقة شبه الجزيرة العربية ومثل هذا غير ممكن من دون مراجعة السعودية موقفها مما يشهده اليمن على نحو يمنع انهيار علاقات الجوار ويكبح انفجار الوضع في اليمن ومآلات الخراب والدمار في اليمن ومحيطه.. والله المستعان.

قد يعجبك ايضا