الانتصار الحقيقي لقضايا الوطن!!

يحيى محمد العلفي

في الوقت  الذي تشهد فيه اليمن أزمات متلاحقة وظروفا وأوضاعا متقلبة تارة بين التفاؤل والأمل بالوصول إلى بر آمن ينجي السفينة ومن فيها والخروج من شرنقة الاحتكاكات والمكايدات إلى واقع الأمن والاستقرار الذي ينشده الإنسان اليمني.. وتارة أخرى بين الترقب والحذر والخوف من الانفجار الذي قد تسببه الأفكار السيئة والعقليات المريضة التي لا تراعي غير مصالحها الشخصية – وإن على حساب دماء الأبرياء من أبناء الشعب – نقول أنه في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا كل هذه التناقضات – المخيفة جلها – المطمئن ما ندر منها – فإننا في وطن الإيمان والحكمة (كما وصفنا الحديث النبوي الشريف) جميعنا بلا استثناء مدعوون لأن نستشعر حجم التحديات والمخاطر التي تواجه بلادنا في هذا الوقت بالذات – لاسيما ما تسببه الحماقات والانفعالات والتعصبات الضيقة من انفلات أمني وغياب كلي لسلطة الدولة وهيبة النظام والقانون – حتى أن الانتصار الحقيقي لقضايا الوطن بات مرهونا بمصداقية وجدية ووفاء وإخلاص كافة أبنائه – لا سيما تلك المكونات السياسية والحزبية المنضوية تحت طائلة الخلافات والأزمات والمماحكات التي يشهدها اليمن والتي بات عليها أن تدرك بأن شعارات الزيف الوطنية التي يشهدها اليمن ـ والتي بات عليها أن تدرك بأن شعارات الزيف الوطنية التي ترفعها في مواجهة التحديات الراهنة لا يمكنها أن تقضي إلا إلى مزيد من التأزيم وتوسيع رقعة خلافات أطراف العمل السياسي الأمر الذي يقتضي من شرفاء هذا الوطن وحكمائه وعقلائه تبصر الأمور والأوضاع الراهنة عبر التفاهم والحوار ونبذ العنف والخلافات الهامشية واللجوء إلى معالجة قضايا الوطن ومشاكله بكل روية وحنكة ووفاء وإخلاص والعمل الجاد على تجنيب اليمن ويلات الحرب الأهلية والانزلاق إلى ويلات التشرذم ومخاطر الدمار التي قد لا يحمد عقباها.
ولا شك أن أوضاعا كهذه التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن لا تنذر بانزلاق خطير فحسب بل قد تؤدي إلى انهيار ودمار شامل ـ ولا سمح الله ـ لكل مكونات الحياة العصرية الجديدة التي طالما تغنى الكثيرون من أبناء الشعب ورددنا أحلامها وتمنياتها على مدى العقود الماضية من زمن الثورات والانقلابات التي شهدتها اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر 1962م وحتى اليوم.
وعليه فإن معالجة قضايا الوطن والانتصار لإرادته وهمومه لا تتوقف عند محطة زمنية بعينها ولا تعتمد على شخصيات أو جماعات مخصصة بقدر ما هي واجبات دينية ومسؤوليات وطنية ومهام أخلاقية لا بد أن يضطلع بها ويتحملها كل مواطن يمني شريف ينتمي إلى تربتها الغالية الطاهرة ويحمل اسمها وساما على صدره يعتز به ويفتخر ـ ويجب على الجميع إدراك أن الوطن الذي ننتمي إليه ونعيش تحت سمائه وفوق ترابه الطاهر هو أقدس وأغلى ما يملكه الإنسان في هذه الدنيا ولا توازي وجوده وحبه كل كنوز الأرض ـ وأن حبه وقداسته مرهونان ببقاء أبنائه أو فنائهم.
وبناء عليه فإن الانتصار الحقيقي لقضايا الوطن يكمن في الالتفاف والتفاني من أجل سلامته وإبعاده عن الأخطار والشوائب والمحن ومن ثم التوصل إلى اتفاق وإجماع وطني موحد يخرج اليمن من هذه الأزمة ويعيد له الدولة التي تستطيع أن تفرض هيبة النظام والقانون وتبسط سلطتها على كل مناطق اليمن الدولة القوية التي تحافظ على مكاسب ومنجزات الوطن وفي المقام الأول النظام الجمهوري والوحدة اليمنية.
ولعل التوصل إلى مثل هذه التوجهات في نظرنا ليس بالأمر العسير ولا بالمستحيل ـ إذا ما صدقت النوايا ونبذت القلوب والعقول الأنانيات وحب الذات والمصالح الضيقة ويتوجه الجميع صوب يمن جديد خال من العنف والضغائن والأحقاد ومراعاة أن الوطن يتسع للجميع وأن أمنه واستقراره مسؤولية جماعية وتهم أبناءه قبل غيرهم ـ وأن اليمنيين وحدهم دون سواهم من بأيديهم مفاتيح حلحلة أي وضع تشوبه الأزمات أو تسوده الاختلافات.. إذ ليس بالجديد على أحفاد سبأ وحمير أن ينهضوا بواجبهم الديني والوطني تجاه أرضهم وبلادهم الطيبة ويخرجوها من أحابيل المحن والفتن إلى بر الأمن والسلام بدون الحاجة إلى مساعدة الآخرين.. أكانوا أشقاء أو أصدقاء ـ فهم الذين ـ وكما عرفهم التاريخ ـ من يمدوا يد العون والمساعدة لغيرهم.
كيف لا ـ وقد شهدت اليمن على مر العصور الماضية ـ ما هو أمر وأدهى من أزمات وأحداث الوقت الراهن ـ وكان اليمانيون حيالها فطناء مواقف أشداء بأس ـ قادرين على تجاوز معضلات المحن والفتن وتقريب وجهات النظر فيما يحفظ لليمن ولشعبها الأمن والسلام والاستقرار.. فهل يحذو فرقاء وأطراف الأزمات الراهنة والصراعات الجديدة حذو أولئك الأشاوس الذين انتصروا لقضايا الوطن وهمومه بكل حب وصدق وحكمة ووفاء..¿! وصدقوا ما عاهدوا الله عليه فكان وعدهم وعطاؤهم مضرب الأمثال على مر العصور والأزمان.

قد يعجبك ايضا