طربوش17 عاما حضورا

دلفت من الباب متوجسا حتى وجدتني أمامه, ذات لحظة عارمة, كان فيها البلد يبحث عن نفسه, وكنا نتلمس الطريق إلى مستقبل يبدو الآن مخاضا عسيرا, عجزت ((المولöدة)) عن إخراج المولود, وإن خرج فلا تدري هل سيكون مولودا بصحته, أم إن كل أمراض أمه قد انتقلت إلى جسده!!, ننتظر على أية حال فيم الصراخ يصم الآذان, استقرت عيني على دقنه الكث, قالها سريعا: هذا الأخ أعرفه , قلت أنا فلان, فانتصب واقفا: أهلا, من يومها انضم أحمد طربوش سعيد إلى قائمة أحب الأصدقاء, لا تدري تفسيرا لكيف يستطيع بعض الناس أن يجدوا لهم في قلبك وعقلك مكانا متميزا, قل إن أحمد طربوش, أحدهم, من أبرزهم , وأنا ناصري الهوى, ما في ذلك شك, فمنذ أن رأيت والدي في الستينيات يلبس وغيره البدلة بالكرافتة تشبها وإتباعا لجمال عبدالناصر, فقد غصت أنا حبا في نهر جمال عبدالناصر, وامتلأت جدران بيتنا في وادي المدام بتعز بصورة أشكال وألوان, وفي سينما بلقيس تابعنا بشغف القائد العظيم جمال يطرز الجريدة العربية قبل كل فيلم, تلتهب أيدينا أنا وعبدالله حزام, وسلطان محمد شمسان, وياسين مهيوب قاسم بالتصفيق, ويوم أن جاء إلى تعز انشقت السهول والجبال والوهاد عن أمواج من البشر ترحب بالقائد جمال عبدالناصر , يومها من خوف السلال عليه أن يندس حقير بين أمواج البشر فيصل إلى حياته, كان هناك أحدهم يصيح: يا جمال.. لا تتركنا, وهو يسمعه ويؤمن على ما يقول ((حاضر)), ليزيد خوف السلال والسيارة تتوقف بين البشر, فينزل بعد أن عجز السائق الذي كان يصيح فيه: أسرع, نزل السلال يبعد الناس من أمامها, ويلتفت بروحه المرحة إلى ضابط كان يقوم بما يقوم به: ((الظاهر عنرجع للمهرة الأولة)), ذلك هو السلال انعكاس طيبة اليمن واليمنيين, وضعت مقالتي في يد أحمد طربوش, كانت يومها ردا على شيخان الحبشي الذي قال: ((الوحدة ليست مقدسة)), رددت أنا: ((بل هي قدس الأقداس)), اليوم لو سئلت عنها, فقد أردد – خوفا – ما قاله البردوني رحمه الله ردا على مونت كارلو عشية 22 مايو 90م: (( زواجة أخدام اليوم الثاني في قسم الشرطة))!!, تعمقت معرفتي بأحمد طربوش في مقيل النبيل الآخر أحد علامات الناصريين صديقي الأستاذ عبد المجيد ياسين المحامي, فيكبر أحمد طربوش سيرة فذة خلال ما تبقى من أيام عمره, السؤال الآن للناصريين وهي مناسبة مناسöبة لأن أسألهم: أين سöير شهداء الناصريين , وهؤلاء الأفذاذ من امثال احمد طربوش, أين عمر الوصابي, أين أين أين¿¿ لا يكفي أن نظل نتنهد كلما ذكرنا أحد هؤلاء من كانوا علامات على الطريق, أنا شخصيا عندما أتذكر صديقي محمد إبراهيم, أو قاسم منصر, أو زميلي علي السنباني, أتصبب عرقا, حنقا عليهم, أما عيسى فيكفي أن ((كيفك يا ابن الشيخ¿)) تدوي في روحي, ويا أحمد طربوش: نام بسلام, أنت في قلوبنا تنير منحنياتها, رحمك الله .

قد يعجبك ايضا