يهوذا الأسخريوطي

محمد المساح

* .. من قال أن “يهوذا الأسخريوطي” – الذي سلم عيسى المسيح إلى أعدائه مقابل ثلاثين قطعة من الفضة – قد مات.
“يهوذا يتناسل عبر التاريخ وبتلك القطع الفضية يتواجد في الأسواق والبورصات يراكم النقود ويبيع ويشتري في أسواق المال العالمية يضارب ويسمسر في الأسهم والسندات.
يمتد وينتشر وجوده.. بأذرع وأرجل الأخطبوط في العالم كله. وهو الذي يتسيد السوق في العلن وفي الخفاء يجري الصفقات المشبوهة هنا وهناك.. ويتميز بحواس مراوغة ومتحايلة يعرف بحكم خبرته المتوارثة كيف يميل ويعدöل شوكة التحكم في مصائر تلك الأسواق.. كما يمتلك دراية خبيثة بتلك الكيفية الغامضة ويحركها من قرب أو بعد.. فتهبط مصائر وتصعد مصائر تفلس دول.. وتزول دول.. وتأتي دول وفي تكوينه المراوغ من الظهور حين يستدعي الأمر ومن الاختفاء حين تستدعي الضرورات لإشعال الفتن والحروب في العالم.. كما أنه لا ينسى استعانته حين يطلق فتنتة “سالومي” الرهيبة لترقص على المسرح ويسلمها حسب شرطها القديم المتجدد “رأس يوحنا المعمدان”.
وفي فتنتة الحدث والأحداث عبر التاريخ.. وإلى اللحظة المعاصرة يظلان بذلك الترافق العجيب يهوذا.. وسالومي.. علامتين في أزمان الكوارث والنكبات الإنسانية.. جسد وظلال في تداخلهما تتوارى الحقائق.. وتظل بعدها علامات الزيف والبطلان وهكذا يتبدى المشهد البشري في صوره المأساوية.. وفي خلف المشهد دائما.. ما يكون هناك يهوذا الأسخريوطي يعد نقوده ويراكم القطع الفضية.

قد يعجبك ايضا