مساء الساهرين يا بلدي..

بلقيس الكبسي


يطل بهمس خجول .. ينسدل بوحه شريدا .. عنيدا .. يميط اللثام عن وجهö مساء ملبد بالملل والسخط والتذمر والتنديد والتهديد والوعيد وترهات زمن كبر فكبرت خيباته ومأساته.
مساؤك يا بلدي وجع وهم ووهم ونفوس تتقيأ مجون (التياسة ) وتحليلاتها وتخميناتها وترهاتها وتعبها وخياناتها وانتماءاتها.
مساؤك قلوب تتأوه حبا وهجرا وهياما تندب حظها وتعيد سرد أمجادها وقلوب يقضمها الضيم يرتشفها الظمأ ويبتلعها شظف الحب فخلقت لها من اعوجاج فكرها معشوقات في أخيلة القلب عانقتها لتطفئ نيرانها الحرى.
بينما يأوي الوطن ناعسا في أحضان الشرود تطوقه أذرع (التياسة )و شطحاتها وتكهناتها وجرعاتها وسفافها وسفاحها وحرابها لتنجب مسخا مجهول الهوية والانتماء.
فأي مظلمة يا وطنيö اقترفتها فهتكتك ..وأي دم سفك على أرضöك فظلمك¿!
يا مساء بلدي الأمين لماذا الخصام ينصب أشرعته بالعداء والجدل لاهيا بمشدات لا تنتهي عن الذاهبين والراحلين والتابعين وحياتهم وخصامهم وخلافهم فخلفوا الخلاف يتجادلون بأي هيئة يؤدون صلاتهم فنسوا الصلاة برمتها . ضالين يتخبطون خلف المذاهب فظلوا طريق العقيدة .
يا مساء البلدة الطيبة لما لم تعد كميلادك الأول . لم يعد قلبك خاشعا بالنبل ساجدا في محراب الحب يقبل شفاه الورد ولا يتأوه من وخز أشواكها ..¿!
يا مساء بلدي السعيد لما لم تتجرأ فتشيح كآبتك جانبا.. وترتدي حلة تشع نورا وضياء ..¿ لما لم تتجاسر وتتشح بوشاح مطرز بالبهاء ..¿ تدللك ومضات الأحلامö الغافية على همساتö أنغام ساحرة تهدهد دلال قمرك الأنيق.
أين مساؤك الفاخر يا بلدي الأمين ..¿ أين مساؤك الباذخ بالبوح المبين أين همسك الذي لا يتقن سوى لغة الأفئدة..¿ مساء يتعرى من سواده ليرتدي بياض الملائكة لتتصالح الجراح مع الأرواح وتهدي قطوف حبها لشعب مشبعا بالألم ..!
متى يتسنى لك يا مساء الساهرين في بلدي أن تتلو حروفك الشفيفة همسا وحبا وطربا وعشقا ونغمة وكلمة..¿
متى يتاح لحروفك أن تتمرد عن حركاتöها..¿ ولا تتعثر بسكون وحيد يتخبط في منتصف البوح يتهادى حبوا واشيا بعجزه يرتجف مبتلا في حلبةö الضجيج والهذيان فيضطر البوح الرزين أن يتسيد وسادته وينااام .
يا مساء العاشقين في بلدي لماذا تبدو شاردا وحيدا تشعل شموع التوهان فتتقد ضياعا وتنطفئ صرخاتك بعلو سخطها . (فكفى) .
يا وطني الأليم يتساءل بدهشة مساء مجعد بسهاد التائهين بين فاصلة ونقطة حلم مهدر ظل صامتا بلا اعتراض!
وحدها شفاه القلب ترتل صبرها وتتهجد تسابيح الفرج بينما رئة الوجع تختنق فإلى متى ..¿ توشك على الفناء وهي تنتظر فجرها لتتنفس نورا يتلو للظلم آيات العدالة.

قد يعجبك ايضا