بحة الصوت
محمد المساح
الصوت صوتها كان يتلوى عبر المسافة التي يصدر منها حتى يصل إلى أذنه يتلوى كالحنش الباحث عن قرينته صوت فيه نعومه ملساء ومن شدة تلك الملوسة.. حين سماعه يخزق الحجر.. فما بالك الرهيف رهافة الماء أكانت تغنى.. فعلا.. أم كانت.. تتوجع تبث في ذبذبات الصوت.. تحنن وأنين يصعد من الأعماق مجروحا بالألم.
اوهي تلك اللوعة واللهفة تحملها أهات حزن لم تقدر على كبته في القلب.. فكان ذلك الصوت المبحوح.. حينا.. ثم تمده بنغمة طويلة تتجاوز أخذ النفس.. ربشه ذلك الصوت الذي يغني.. أو كما تمثله ابتهال حزين يحتلط بنهدات أقرب إلى البكاء المسموع.
سرى في داخله ذلك الصوت وتوغل في الضلوع والأعصاب.. أخذه وذهب إلى جهات الأرض الأربع.. وتتابعت التماعات ضوئية وشهب تضوي لفترة ثم تتلاشى بياض ثليج.. يبهر العين دروب تحف على جوانبها الأشجار وكان لا يحس أهو خريف.. أوربيع يزهر ويتفتح.. أم بحار يعبرها في سفن ترفع أشرعتها عند المغيب أخذ من مكانه عنوة.. وامتدت صحارى وكثبان رمال يداعبها ريح أليف.. وقافلة من الجمال تمتد في طريق منحنية على امتداد النظر.. حتى تغيب بدايتها في الأفق البعيد توقف الصوت..ولم تعد بحة المغنية تتردد في الفضاء غاب صوتها.. و غابت الأغنية وظل جرح الحزن والألم يشتعل وهو يرحل في فضاء الله.