مجرد لفتة
محمد المساح
■.. لم يسافر إلى البعيد..لم يكن يواجه ضيقا في اليد.. أو تعرض لعنت.. ومثل تلك الأمور لم تعنيه أيضا.. كلما يشغله ويسكنه أن يظل بجانبها قريبا منها حتى ترأف لحالة وتحسن إليه بمجرد نظرة.. نظرة فقط كان يرددها في نفسه وكانت هي أيضا قريبة منه.. عدة أمتار قليلة تفرق بينهما في المكان لم تكن عمياء بما قد يتبادر إلى الذهن حتى لا تعطيه تلك النظرة التي يرجوها.. هي حادة النظر ثاقبة.. لكنها هكذا من البدء وحتى النهاية.. قررت وعزمت في نفسها.. أن لاتحدجه ولو بطرف العين لاتريد ولا ترغب أن تقدم له تلك المكرمة البسيطة.. ولو في أشد حالات التكرار.. وهو.. كيانا ووجها يحاول.. أن تخطئ عينيها مصادفة حتى تلحظه بطرف العين.. ولو صادف وحقيقة أن اعترض وجهه نظرتها تغمض عينيها على الفور.. ولا تراه! وهو من جانبه لم ييأس ولم يتسرب إلى نفسه أية بادرة لينفض يديه من حصوله على تلك النظرة ” مجرد لفتة” يظل يردد مع نفسه لقد قطعت عهدا على نفسها مهما طال الزمن أو عرض.. فلن تقدم له تلك النظرة أو مجرد اللفتة ظل في مكانه مصلوبا يتأرجح بين أن تحصل المعجزة.. وتصادفه اللفتة العارضة.. وبين إنعدام ما يأمله ويرجوه يتوسل ويتضرع.. يجاهد النفس يتجلد.. ويتلوع ألما وحزنا ظلت على إصرارها العنيد .. ولا تعطي أية تفسير أو تسويغ لموقفها المتصلب والعملية بكاملها لا تحتاج إلى كل ذلك القسوة.. مسألة في غاية البساطة مجرد لفتة.. مجرد لمحة بارقة ليكن وجهه هواء.. رمادا طائرا تراه العين.. كما ترى السراب.. حتى هذا.. وهي لا تلين دار ولف.. وخرج من تصلبه في المكان.. قام وجلس.. كل ذلك ذهب هباء.. ولم يحظ عمره.. بتلك اللفتة.