لماذا نتخاصم¿!
خالد الصرابي
أقرأ في العديد من العناوين المشيرة إلى روح – التصالح والتسامح- كلغة يجب أن تسود أبناء المجتمع.. ليس هناك اختلاف حول مضمون هذه الأطروحة كون- التسامح- هو عنوان الحياة السعيدة في كل مكان وزمان .لكننا نتساءل هنا عن الأسباب التي جعلتنا في الأساس “نتخاصم” حتى ندعو وبلهفة شديدة إلى التصالح سواء كان بين فرقاء السياسة أو رفاق التاريخ فالكل معني بتلك الألفة التي لابد وأن تسود قلوب أبناء بلد أنهكه الصراع .
من خلال جولة سطحية نتطرق فيها إلى معرفة أسباب ونوعية الصراعات على أرض وطن يحلم بفترة نقاء وجيزة عله أثناءها يلملم أشلاءه المتناثرة ويستعيد عافيته ليمضي صوب ما ترمي إليه آمال وتطلعات شعبه ..
حتما سنجد تلك الصراعات لا تتجاوز حدود الأضواء السياسية بمعنى أن حدتها لا تمت بأية صلة إلى الوطنية بقدر صلتها العميقة ب”الملكية الخاصة” وهذا الجانب هو ما يثير الجدل الأكبر حول استمرارها فكل “متصارع” شمر ساعديه ودخل هذه الحلبة لا بد وأن يتغنى ب”الوطنية” مدغدغ بها مشاعر الوهن في أعماق شعب أضنته تلك الوسائل الرامية إلى –البناء الشخصي- التي عادة ما تكون أحقادا تتشكل لدى كل طرف وقوة في المقابل الضد, وبهذا ينفتح واحد من أبواب الصراع..
وإذا ما وقفنا أمام تلك المسيرة التناحرية لا شك سنجد “الوطن” كمكان وولاء يقبع أسفل قائمة هموم ودوافع ذلك الصراع .اعتقد بأننا جميعا نتفق على هذه الحقائق المتجردة من لغة “المزايدة” كون الواقع أقرب إلينا من هذا الطرح..
من جانب آخر وحتى لا نظلم رموز التاريخ الوطني من الهامات العملاقة نقول :بالفعل كان هناك العديد ممن تعمقت بين أضلاعهم الروح الوطنية التي أضحت ترجمتها إلى لغة “الفداء والتضحية” ومن يجزم القول على أن أنهارا من الدماء لم تهب في هذا السبيل بتأكيد فوجدانه يخلو من المشاعر الوطنية ..
قد يقول البعض بأن تلك التضحيات لم تثمر !! وهو ما لا يمكن تقبله حتى وإن استشهد بالواقع الذي تأتي معاناته نتيجة ذلك الكم الهائل من الإساءات الضاربة في خاصرة الوطن , والساعية في طريقها بكل ما اتخذته من أساليب , وطرق , ومقومات سلبية عملت بمجملها إلى محو تلك الآثار الايجابية , وهذا الجانب يعد دليلا قاطعا على أن معظم قوى الصراع يخلوا من فكرها ووجدانها شيء اسمه “الغيرة الوطنية” التي تسبب عدم وجودها في وصولنا إلى ما نحن عليه اليوم من صراع نتيجة تخاصم على خلفية ما يعتقد بأنه إرث وطني . لكن الحقيقة – خصام دون وجه حق- لهذا فإن قناعة النفس وترك ما لا يعنيها من أمور حتما سيجنبنا مرحلة” الخصام” الذي لا تعود نتائجه سوى بالسلب وإشعال نيران الفتنة المدمرة لنا والوطن..