عندما تكون النزاهة ضائعة
محمد أحمد الضلاعي
لا أحد يستطيع أن يتخيل ما بمقدرة الفساد من امكانات هائلة لتدمير الشعوب وتركيع الأمة لمن يمتلك مسألة غذائها ودوائها فالشعوب العربية مثلا في غنى عن ذلك وتستطيع أن تكون صاحبة قرار وإرادة واكتفاء ذاتي من جميع النواحي وأن تكون متبوعة لا تباعه متى ما أرادت ذلك فلدى الأمة من الثروات الضخمة والايرادات الهائلة جدا ما يفوق ما لدى الغرب أحيانا.
وبلادنا جزء من كيان الأمة العربية وتمتلك من الثروات والموارد الكثير والكثير سواء الطبيعية أو السياحية أو الملاك البشري من الشباب والعلماء والمخترعين والمبدعين في كافة المجالات وأضف إلى ذلك الموقع للبلد المتعدد المناخات …الخ.
فبلادنا غنية ولا تحتاج مساعدات ولا إلى معونات أحد لو استطاعت أن ترسي مبدأ النزاهة التي أصبحت ـ للأسف الشديد- ضائعة لا وجود لها ” لا ظاهرا ولا باطنا” فانتشار فيروس الفساد وفقدان الأمل في وجود قوانين رادعة لاجتثاثه والحد من توسعه المستمر والذي أصبح الحد منه ضربا من ضروب المستحيل كما يقول البعض ويعللون ذلك بتركة النظام السابق..
وما يحز في النفس أن في يمن الإيمان أناسا قد لا يجدون كسرة الخبز لسد رمق جوعهم وإن حصل عليها في وجبة تعثرت عليه في الوجبات الأخرى فينام ولم يجد قوت اليوم الثاني.
وفي الجانب الآخر أناس يتنعمون بثروات البلاد ويبذخون كيفما يشاءون يتفوقون في ذلك على بعض أثرياء دول مجاورة لهم باع كبير في الثراء الفاحش.. فمصائب الشعب فوائد لغيره وكما يقول المثل: ” مصائب قوم عند قوم فوائد ” فتجويع الشعب سببه امتلاك أشخاص ثروات طائلة من خلال تطويعهم لفيروس الفساد لصالحهم واختراعهم لقاح مضاد لقتل ضمائرهم ودفنها في حاضرهم مما أكسبهم مناعة فاعلة ضد النزاهة وحبهم لهذا الوطن إنما هو حسب مصالحهم..
وحتى بعد التغيير نلاحظ انتشار الفساد بشكل أذهل إبليس وحيره لتقدم المفسدين عليه في أعمالهم وتفوقهم بدرجة امتياز..
فنتذكر أن شعبنا لم يرضخ لكل من أفسد في الماضي واستمر في غيه وفساده فقام بثورة التغيير وايجاد البدائل فالفساد في السنوات القليلة الماضية بلغ مستويات لا يمكن وصفها.. فاستشهد في هذه الثورة من خيرة أبنائه, ومن لم ينل شرف الشهادة أصيب وعانى آلام المرض والإصابة لكن رغم كل ذلك صبروا وصبر شعبنا على مرارة ما رافق ذلك التغيير من أزمات اقتصادية وأمنية في سبيل ايجاد دولة النظام والقانون فرجع الشباب إلى بيوتهم بتنازل حاكم وتولي آخر وتشكيل حكومة محاصصة من جميع الأحزاب بلا معيار للكفاءة لتسيير أمور الدولة, بعد ذلك جرى التحضير لمؤتمر الحوار الوطني من جميع الأحزاب لوضع أسس وقواعد مدروسة لبناء ” يمن جديد” فكان للشعب ما أراد .. لكن مازال للفساد أنياب ومخالب وصولات وجولات مما خيب آمال من حلموا بغير ذلك فكلما استبصر بطرائق وأساليب المفسدين تم ابتكار غير ذلك بخبث ودقة أكثر من سابقتها وجعل القانون “مطبا ” للعبور.
فنقول لكل من أفسد ويفسد اليوم ” اتق الله ” فاليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل فالشعب أمانة في أعناقكم فالمواطن اليمني لم يعد يثق إلا بمن أوجد هذه البسيطة في أن يسخر أناسا يعملون لصالح هذا البلد لهم ضمائر حاضرة ونزاهة متيقظة لا تنام لينام آمنا يملك قوت يومه.. وإن شاء الله سيتحقق كل ما نصبو إليه فمنا الدعاء ومن الله الإجابة.
وما نشهده هذه الأيام من أوضاع أمنية غير مستقرة لا تسر أحدا ذا بصيرة, فعندما تشاهد نشرات الأخبار لا تصدق للوهلة الأولى أن كل ما يجري في يمن الإيمان والحكمة اليمانية, رغم تغيير الحكومة بكفاءات كما يقال فلا يبقى إلا أن نتفاءل فلو فقدنا هذا الأمل فماذا سيبقى ¿¿!!