لنجعل كل يوم يوما للغة العربية

علي بارجاء


 - ما أكثر الأيام الوطنية والعربية والعالمية التي يحتفى فيها بمناسبات وأحداث! حتى لم يبق يوم من أيام العام إلا وفيه احتفال ما فهل كان لهذه الأيام تأثير¿ وهل تحقق بها شيء
ما أكثر الأيام الوطنية والعربية والعالمية التي يحتفى فيها بمناسبات وأحداث! حتى لم يبق يوم من أيام العام إلا وفيه احتفال ما فهل كان لهذه الأيام تأثير¿ وهل تحقق بها شيء نافع¿ احتفلنا في شهر ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية فهل أزلنا من شوارعنا كل الدعايات والإعلانات ولائحات المحلات التجارية التي بها أخطاء لغوية أو على الأقل صححنا ما فيها من أخطاء¿
إذا كنا نقرأ اسم أول وأقدم دولة يمنية جاءت باسمها سورة من سور القرآن هي دولة (سبأ) مكتوبة خطأ (سباء) في شوارعنا ولا نجد تحركا منا لتصحيحها فماذا سنفعل بغيرها من الأخطاء¿
لا يوجد في بلادنا اليمن العربية أو قل بلد أصل العروبة وجرثومتها جهة أو مؤسسة علمية حكومية أو غير حكومية يكون من شأنها حماية ورعاية اللغة العربية من الهدم الذي تتعرض له يوميا وليس في وزارة الثقافة التي لا تعرف من الثقافة سوى الرقص والغناء إدارة للغة العربية وكأنها وزارة في نيكاراجوا! كما أن الجامعات قد تبرت من مسؤوليتها تجاه لغتنا ولم تتحمل مسؤولية اللغة العربية على عاتقها وترفع مذكراتها للوزارات المعنية بالشأن التجاري والإعلامي حين ترى أو تسمع خطأ لغويا متداولا مبادرة منها لتصحيحه فالجامعات تكرس تجاهلها بل تساهم في هدم اللغة العربية فهي مشغولة بمقررات التوفل وتعميمه لتنافس جامعات العالم الغربي ولتذهب اللغة العربية إلى الجحيم بل قد يتطرف طلاب بعض الأقسام العلمية في إحدى كليات التربية إلى القيام بحملات تدعم اللهجة العامية فتترجم إليها بعض الاستخدامات والجمل بدلا من الترجمة إلى الفصحى.
صحيح أن المقال جاء متأخرا عن يوم الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية وصحيح أن الحديث عن العربية الفصحى وبها أصبح في عرف أبنائها وبخاصة العوام منهم أشبه بمن يلقي الطرفة التي تثير الضحك والسخرية ولكن لم نصل إلى هذه الحال إلا بتواتر الإهمال الذي حدث منذ أن تسرب الأعاجم قديما إلى أرض العروبة وصار علينا أن نغير لغتنا وننحدر بها لإفهامهم وليس لتعليمهم العربية.
أعجب عندما أسمع عربيا ينحدر بلغته العربية ويدوس عليها وهو يحادث هنديا أو بنغاليا وهذا إن وجد بكثرة في دول الخليج العربية إلا أنه لا يزال محدودا في بلادنا ولكن سنصل إلى هذا الحال إن ظللنا نتعامل مع لغتنا الأم بهذه المهانة.
كنت قد دعيت لإحدى مدارس البنات للتعليم الأساسي في مدينة سيئون لإلقاء محاضرة عن اللغة العربية والاهتمام بها في ديسمبر الماضي احتفالا بيومها العالمي ما لفت نظري هو أن في نفوس صغارنا رغبة للحفاظ على العربية ظهر هذا في ما قدم في يوم الاحتفال من فقرات محورها اللغة العربية وجدت تفاعلا وقابلية لدى الطالبات لتحمل مسؤولية اللغة وهن في هذه المرحلة التعليمية وهذه الرغبة وهذا التفاعل يضعف للأسف في المراحل اللاحقة ما يعني أن اللغة تتعرض للإهمال كلما تقدم الطلاب في المراحل التعليمية.
والدليل أن طلاب الجامعة هم أكثر من يقعون في الأخطاء اللغوية الإملائية بلا مبالاة بما درسوه من قواعدها حتى من طلاب أقسام اللغة العربية نفسها ويمكن الرجوع إلى أبحاث الطلاب وأوراق الاختبارات لملاحظة هذه (الظاهرة) التي تسيء إلى اللغة العربية.
فوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي معنية اليوم والبلاد تشهد عام التعليم أن تضع حلا للرفع من مستوى اللغة العربية لغة التعليم والتعلم فيهما وأرى أن تقرر درجات للأخطاء اللغوية التي يقع فيها الطلاب تخصم من درجات الامتحانات أثناء التصحيح مبادرة منها في تقويم استخدام اللغة وفرض مبدأ الثواب والعقاب وسيكون لهذا الإجراء أثره في لغة طلابنا كتابة ثم نطقا فيما بعد.
فلنجعل كل أيامنا للاحتفاء بلغتنا ولا نقتصر على الاحتفاء بها في يوم واحد ثم نهملها في ما بقي من الأيام!

قد يعجبك ايضا