احذروا الإرهاب
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان –
مللنا الإدانة والاستنكار والشجب في مجازر الإرهابيين بحق المسالمين والعزل ولكثرتها صار طبيعي والحزن يعيش فينا فقد تعودنا على هذه الحياة لأن الإرهاب لم يعد استثناء بل هو الغالب والاستثناء هو السلم ولحظاته القليلة جدا من السعادة التي تراودنا لبرهة ثم تتلاشى بعملية إرهابية بالحجم الكبير كجريمة إب الخضراء أن الإرهابي هو كل من يستخدم العنف لفرض قناعاته وأفكاره على الآخرين كل من يروع الآمنين ويعكر صفو حياتهم كل من يريد أن يتسلط ويهيمن على غيره هناك من يكفر ويخون وهناك من يوجه التهم جزافا دون أوجه قانونية ودلائل مادية والإرهاب دائما يوجه سهامه لمؤسسات الدولة أولا ليغيبها ويقضي على فعاليتها ليخلق فوضى عارمة تخدمه ليمارس إرهابه بحرية كاملة الإرهاب كلمة انتشرت وصارت علكة تلوكوها الألسن ليل نهار حتى فقدت معناها وقيمتها صارت حجة وذريعة للانتهاك والتطاول وتجاوز كل المعايير تحت مسماها وشعارها الإرهاب سلوك وثقافة لو تمعنا جيدا في سلوكنا وثقافتنا لعرفنا أننا إرهابيون ونمارس الإرهاب على غيرنا أو ندفعه ليكون إرهابي ليحمي ذاته وفكره وقناعاته التي نرفضها في غياب الحرية الفكرية والشفافية والوضوح والعدالة فالظلم أحد أسباب الإرهاب عندما لا يستطيع المظلوم انتزاع حقه وفق القانون وسلطة القضاء يلجأ للإرهاب كوسيلة لإنصاف ذاته كلها سلوكيات غير مبررة بل عقيمة أنتجها واقع عقيم.
مخطئ من يقول أن الإرهاب غريب عنا فحياتنا كلها حروب ودمار وخراب متى استقررنا بل نعيش في إرهاب وإرهاب مضاد وكلمة “إرهابي ” ليست فريدة في التاريخ بل لها أسلاف كثر من الكلمات مثل “متوحش ” “غير متحضر” “قرصان” ديكتاتور جزار سفاح قاتل متآمر دساس .. كل تلك الأوصاف هي للإرهاب ولا يمارسها غير الإرهابيين ومنها ينتج الإرهاب والإرهاب المضاد .
والبيئة التي تقتل الإرهاب وتقضي عليه وتقلل من السلوك العدواني لدى الأفراد هي البيئة السليمة الخالية من العنف والأمراض الاجتماعية التي يملأها الحب والتسامح والوئام والتوافق والاتفاق وقبول الآخر المختلف وتفهم قناعاته وأفكاره واحترامها أي أنها حياة ينيرها النور رمز الصفاء والحب والتسامح والاستقرار بل هو معبر عن الانفتاح والتطور والانطلاق إلى فضاء العصر الجديد يقال نور الله وجهك دعوة حميدة لتكن بشوشا حيويا ودائما يرتبط النور بالملاك والطهارة والنور يضيء طريق المستقبل فالعلم نور والجهل ظلام والظلام هو السواد القاتم لا يعشقه سوى اللصوص والعصابات ودعاة الرذيلة أعوذ بالله من ظلام القلب والعقل إنها مصدر التعاسة وعندما تمنع النور ليضيء العقول تسقط القيم وتنحط الأخلاق كقول الشاعر أحمد شوقي: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا” نحن حياتنا ظلام فكري وثقافي وتعليمي فالغير معلن هو محاربة التنوير والثقافة الإنسانية التي تقلل من العدوان ومصدرها الإبداع الثقافي والفكري والسينما والمسرح والمنتديات الثقافية والفنية والحفلات الفنية للتراث الشعبي وتطويره في الأحياء والأرياف والتربية والتعليم التي صارت عقيمة غير منفتحة وتخلو من الأنشطة اللاصفية التي تخفف من العدوان بين البشر كالرياضة البدنية والفكرية والثقافية والإبداعية والمدرسة يجب أن تكون حركة متجددة يفرغ فيها الفرد كل طاقاته لا يكبتها الكبت في التعبير عن الذات والأفكار بالوسائل المختلفة هو الذي يخلق الإرهابي والتربية على أساس هذا حرام وهذا ممنوع وهذا لا تتجاوزه تلك سلوكيا تخلق لنا إرهابيين .
نحن بحاجة لعلاج علمي مهني لننتزع الإرهاب من داخلنا ثم نجفف منابعه الثقافية والفكرية وبالتدريج سنستأصله من المجتمع المحافظ على كثير من سلوكيات وثقافات تجاوزها الزمن حاضنة للإرهاب وتنتج إرهابيين .