بلد المليون مطب
جمال عبدالحميد عبدالمغني
علاوة على المطبات التي تطرز طريق صنعاء – إب – تعز- عدن وغيرها من الطرق الرئيسية هناك الحفر أو الأخاديد التي تزين الخطوط الدائرية وتزيدها جمالا وروعة وخصوصا في مواسم الأمطار حيث تتحول هذه الحفر – وما أكثرها – إلى ما يشبه البحيرات في الصحاري أو الجزر في البحار والمحيطات – اللهم لا حسد – وانتشارها كما أسلفنا في الخطوط الدائرية التي عملت في مداخل المدن للتخفيف من الازدحامات الخانقة وتسهيل حركة المرور للناس المسافرين بين المحافظات فهناك طريق دائري حول مدينة معبر وآخر في مدخل ذمار وثالث في يريم ورابع في كتاب وخامس في ضواحي إب وعلى الرغم من حداثة هذه الشوارع الدائرية وإتساعها إلا أنها أصبحت في حالة يرثى لها ولم تعد صالحة إلا لمرور المواشي وقوافل الإبل والسبب أنها نفذت (ليس وفقا للمعايير الدولية أو العربية أو حتى الصومالية) ولكن وفقا لقانون (شيلني واشيلك) وقانون (من يشتي المية قدم التسعين) (ويا بخت من أكل وأكل) وغير ذلك من القوانين واللوائح والأعراف والنتيجة إهدار للمال العام وإتلاف لسيارات المسافرين وإضاعة لأوقاتهم – لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – للأسف هذا يحدث في بلد لا أحد فيها يحاسب أحد وحتى الضمائر أخذت إجازة طويلة من عقود ولا نعلم من سيعيدها للعمل مجددا بالتأكيد لا بد من تفعيل الضوابط والروادع القانونية.
كنت قد زرت العام الماضي عدة دول أوروبية وتنقلت بين مدن تلك الدول برا وحتى بعض الرحلات كانت من دولة إلى أخرى لم أشاهد مطبا واحدا ما بين بولندا والنمساء مرورا بجمهورية التشيك وسلوفاكيا على سبيل المثال ولم أشاهد أيضا حفرة واحدة في طريق رئيسي ولا حتى داخل المدن سواء في شوارعها الرئيسية أو الثانوية لماذا¿ لأنهم ببساطة يخططون لكل شيء حيث أن الشوارع صغيرها وكبيرها تكون الشركات المنفذة لها مسؤولة ومتعهدة بصيانتها طوال فترة العمر الافتراضي للشارع ولو حدث خلال تلك الفترة أي حادث لأي مركبة بسبب حفرة أو مطب في أي شارع يكون المقاول هو المسؤول عن التعويض مهما بلغ ولذلك تخلو تلك البلدان من الحوادث إلى حد بعيد.. أما في هذا البلد التعيس فمن ينظر إلى إحصائيات حوادث السير السنوية يصاب بالذهول لأن الأعداد تشبه أعداد ونتائج الحروب هذا يحدث في بلد لا أحد فيها يعوض أحدا.
أما المطبات السياسية والتي أشرنا إلى أنها أشد فتكا وإيلاما على الرغم من أنها غير منظورة ويتميز بها كبار السياسيين عن غيرها أو عن من هم دون مستواهم فمثلا رئيس الحزب الفلاني يضع مطبات سياسية لنوابه ومساعديه وذلك لمنعهم من التطلع لموقعه أو التفكير في ذلك والأمين العام يضع مطبات أمام مساعديه وأعضاء المكتب السياسي لتحصين موقعه والوزير يحمي مركزه بذات الطريقة والقادة العسكريون الكبار يفكرون بنفس الأسلوب وهناك مطبات اقتصادية يتخصص بوضعها التجار الكبار أمام منافسيهم الصغار وذلك من أجل استمرار وديمومة احتكارهم لخيرات ومقدرات الوطن.
اللهم احرس اليمن من جميع المطبات.