قيادات أنصار الله وإعلام التعيير..
عبدالملك العجري

مقالة
على امتداد تاريخ الاجتماع السياسي كل دعاة الإصلاح والتغيير أنبياء وفلاسفة ومصلحين دينيين واجتماعيين وسياسيين كانوا وما يزالون يتعرضون لحملات تعيير وشيطنة شاملة بتبخيس شخوص قياداتهم “لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم” وترذيل أتباعهم “أن نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ” وتتفيه المنجز الإصلاحي”ويصنع الملك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه” والتشكيك في مقاصدهم “يريد أن يخرجكم من دياركم”.
على ذات المنوال يبالغ خصوم أنصار الله من متطرفي اليمين واليسار على حد سواء في تعيير أنصار الله وقيادات أنصار الله بخلفيتهم الاجتماعية الريفية والفلاحية وبساطة حياتهم وأسلوب معاشهم ويغمزون في قيادة السيد عبدالملك الحوثي وأنصار الله بمغاراتهم التي نحتوها في الصخر يلتمسون عندها بعض حنو يقيهم فجور الموت الجماعي الذي كانت تصدر أوامره من صنعاء والرياض كروتين يومي في مسلسل الجحيم الذي افتتحوه في 2004م .
مشكلتهم مع قيادات أنصار الله والسيد عبدالملك أنهم بلا رذائل وملفاتهم خالية من وثائق الفساد السياسي والمالي والأخلاقي فلا يجدون ما يبخسونهم به غير ما تحسبها العقلية التساومية التسليعية نقائص مما هي في الأصل من جملة الفضائل الاجتماعية والأخلاقية عند كل الأسوياء.
إنه الوعي التسليعي والتشوه القيمي الذي يحكم ويعتور نظرة هؤلاء المخاليق للاجتماع السياسي ويعاينون من خلاله فضائل القيادة معاينة كمية تسليعية حيث القيادة قيمة كمية رقمية كفاءتها تحسب بقدر ما يملكه صاحبها من أسهم في أسواق البورصة, وما يقتنيه من قصور وعقارات وشركات ومظاهر الترف والنعيم وفاخر اللباس والرياش .
أن يكون السيد عبدالملك الحوثي الذي لا يملك غير مغارته ,وأن يكون الصماد ذو الخلفية الفلاحية مستشارا فتلك هرطقة تناقض أخلاق العولمة ونواميس “القيادات الماركة أو قيادات الخمسة نجوم ” ممن يتم انتخابهم وفقا لأحدث مواصفات السوق العالمية.
ليس لدى أنصار الله “قيادات ماركة” ولا “قيادات خمسة نجوم “فلا الصماد ولا غيره من قيادات أنصار الله …إلخ ولدوا لأسر برجوازية أو إقطاعية ,ولا أي منهم تم هندسته وتصنيعه في مختبرات المنظمات العالمية وإخراجه على عجل إلى أسواق الربيع العربي , فكلهم ولدوا كما يولد الناس الآخرون وجاءوا من غمار الشعب لا يملكون غير رصيدهم النضالي السياسي والاجتماعي وكل رأسمالهم محبة وثقة وولاء الجماهير ومشروعهم الوطني والأخلاقي , وهي بضاعة غير ذات قيمة لدى المرابين ودهاقنة السياسة والإعلام.
قيادات أنصار الله (شأن معظم قيادات التحرير والتغيير والإصلاح ) قيادات شعبية لا تستمد قوتها مما تملكه من رؤوس الأموال بل من قدرتها على تمثل الوعي الجمعي والتحامها بآمال وتطلعات جموع الشعب ,ومن تملكها للفضائل الاجتماعية من جد وصدق تدين ويقظته ضمير ونبل مقصد وترفع عن مسفات الأمور واستشعار للمسؤولية وفعالية واقتدار على صنع التغيير وإدارته بالاستناد إلى مشروع سياسي وطني وأخلاقي .
****
بين التغيير والتعيير تجانس لفظي إلا أنهما على المستوى الدلالي على طرفي نقيض ثقافيا وأخلاقيا واجتماعيا ,وبين “قادة التغيير”عن “قادة التعيير” تناقض وجداني وذهني ولكل وظائفه وأدواره وآليات اشتغاله .
أنصار الله وغيرهم من القوى الثورية اختاروا أن يكونوا” قادة تغيير” ,وآخرون كثر رضوا أن يكونوا قادة تعيير والفرق بينهما هو الفرق بين “التغيير” و”التعيير” .
وإذا كان التعيير حيلة إيديولوجية يلجأ لها مراكز السيطرة – من كمبرادور وبيروقراطية إدارية ونخب سياسية وعسكرية – المقاومة للتغير والإصلاح تقوم على التيئيس والتبئيس من إمكانية تحقيق الإصلاح والخلاص, وتشريط عملية الإصلاح والتغيير باشتراطات متعذرة وصعبة التحقيق وبث روح اليأس ومجهرة التوافه وتهويل الإخفاقات وتضخيمها , وتبخيس أي منجز وتحقير قيادات التغيير والقائمين عليه والمطالبين به وأبلستهم ,وتتفيه انجازاتهم والتشكيك في مقاصدها وعلى هذا الأساس يمكن تفهم حملة التتعيير والتبخيس والأبلسة كواحدة من الاستراتيجيات التي يتبعها النظام و “الكمبرادور” الحاكم لمقاومة ومناهضة التغيير والإصلاح الشامل الذي تناضل القوى الثورية لتحقيقه كل ذلك بدافع الخوف على مصالحها.
,الشيء الغريب ذلك التواطؤ الذي يبديه كتاب يدعون القطيعة مع مراكز النفوذ والفساد بتموضعهم ضمن البروغندا الإعلامية الخارجة عن حدود المعقول والطبيعي تعمى عن معاينة حسنة واحدة في كل أعمال هذه