اليمنيون وهجرة العلاج
صالح بن مهنــــا
رحلة اليمني تغيرت قبل ألفي عام كان ترحاله قاطعا الفيافي ومصارعا الأمواج والأعاصير إلى بلدان شتى حاملا معه الحرير والبخور والتوابل وهاهو ذات اليمني يهاجر طلبا في الشفاء وعائدا يحمل الأدوية والعكاكيز الآلاف من اليمنيين يسافرون إلى الخارج طلبا للعلاج وغالبا ما تكون وجهتهم إلى مصر والأردن والهند وهي البلدان الوحيدة التي تسهل لليمني إجراءات سفره وهذا دليل على الاحترام والتقدير للشعب اليمني ويعكس عمق ومتانة العلاقات الأخوية والتاريخية.
وما يثير الاهتمام أن لديهم إحصائيات للمرضى الوافدين ففي نهاية العام 2013 احتفل احد المستشفيات في مدينة (بونا الهندية) بمعالجة (2000) مريض يمني من مختلف الأعمار بحضور عدد من المرضى والمبتعثين فكم عدد الحالات التي تم علاجها في مصر والأردن طبعا الرقم أضعافا مضاعفة والأمراض متنوعة وأبرزها الأورام السرطانية .والمرضى في تزايد والرحلات إلى مصر تحديدا تعج بالحالات المستعجلة نتيجة الإصابات الخطرة بسبب الصراعات والحروب ـ والتفجيرات ـ والحوادث المرورية ـ وطبعا الأمر ـ هنا ـ مختلف والمعاملة مختلفة فاليمني يعامل أسوة بأخيه المصري وأرض الكنانة تفتح صدرها لليمنيين أحياء وأمواتا وكثير من المرضى فارقوا الحياة ودفنوا بأرض مصر ومن هنا علينا أن نقف أمام هذه المعاناة التي يتكبدها المواطن والمبالغ المالية التي تهدر وأن نعترف بأن هنالك تدهورا وقصورا في الجانب الصحي وهو دليل على ضعف المهنية وغياب نظام الجودة وسلامة المرضى الأمر الذي جعل المواطن يفقد ثقته بالمؤسسات الطبية اليمنية ويسافر الى الخارج وما يثير الدهشة هي الأخطاء الطبية التي تكتشف في الخارج فعلى سبيل المثال احد الأطفال كان يشكو من ألم في بطنه وصرف له علاج ينظم الهضم ومرت الأيام ولم يتحسن بعد ذلك اتضح أن مايتألم منه هو ورم يتطور ويكبر وأوصى الأطباء بنقله إلى الخارج وكثيرة هي ـ الأخطاء التي تنكشف أو تكشف خارج اليمن ويصارحك بها الطبيب المعالج سواء كانت في جانب التشخيص الخاطئ أو العمليات الجراحية الفاشلة أو الفحوصات المختبرية التي غالبا ما يثبت عكسها وهي كثيرة والسبب واضح فأغلب المختبرات في عموم المحافظات تدار بإشراف حملة شهادة الدبلوم وقد تستخدم فيها محاليل مقلدة بينما الخارج يشرف على المختبر استشاري تحاليل طبية وهنا الفرق شاسع ولا ننسى الفرق الجوهري الذي لايعيره الطبيب اليمني أي اهتمام وهو التواضع وأغلب الأطباء لدينا هواتفهم مغلقة وغير متابعين للحالات المرضية التي يشرفون على علاجها . ومن هذا المنطلق نطالب الحكومة ممثلة بوزير الصحة إلى اعتماد نظام الجودة وسلامة المرضى والقضاء على التسيب الإداري والفني في مجال الطب والتركيز على تحسين وضع المستشفيات الحكومية ويفضل التعاقد مع أطباء من الخارج من ذوي الخبرة في عدد من التخصصات التي تتطلبها اليمن للحد من الهجرة للعلاج وعلى سفاراتنا في الخارج مساعدة المرضى في رفدهم بأرقام الطوارئ وعناوين الفنادق وأسماء المشافي وفي الوقت نفسه التواصل مع المستشفيات التي يقصدها المريض اليمني لمعرفة ورصد أي أخطاء طبية ارتكبت بحقه وجعلته مرغما على طلب العلاج خارج اليمن .