الشيخ صبر عاش فاعلا بصمت ومات كذلك
أ.د. عبد الله أحمد الذيفاني
الشيخ اللواء الشاعر الصوفي الزاهد عبد الرحمن أحمد صبر عنوان للمواطن الحقيقي الذي لم تزده الألقاب والمناصب شيئا ولم يركن إليها رغم تعددها ورغم علو مكانته الاجتماعية والوطنية في أوساط الناس وفي قلوبهم وعقولهم وفعلهم الاجتماعي والسياسي والوطني العام.
المرحوم رحمة الله عليه ثائرا من الطراز الأول لم يقف في ثورته ضد الظلم والطغيان عند حدود الكلمة التي يتقنها بل تعداها إلى الفعل والممارسة فكان جنديا مثاليا في الميدان وكان قائدا محنكا لذلك الميدان حمل رأسه على كفيه في أكثر من معركة فقد كان رمزا حيا لليمن الجديد في ثورته المجيدة وكان رسالة سلام في لواء السلام حملها وعمل لأجلها لفك الحصار عن صنعاء وإحلال السلام فيها مع كثيرين من الذين نذروا أنفسهم للوطن كعبدالرقيب عبدالوهاب والحربي وفرحان والوحش والعواضي وغيرهم.
المرحوم لم يتوقف حين توقفت لغة الرصاص وانتصرت الثورة بل رأيناه يعمل في ميدان الحياة مع الناس مواطنا يرعى شؤون مواطنيه ويقدم لهم خدماته التي لم يملها أو يتراجع عنها حتى وفاته رحمة الله عليه…
لم يطلب المرحوم ثمنا لتضحياته وأعماله الجليلة للوطن واتجه بدلا عن ذلك إلى الناس يعمل في أوساطهم ويعالج مشكلاتهم بصمت بعيدا عن الأضواء والإعلام وبهرجته الزائفة كان رقما صعبا في الميدان الاجتماعي وحركة المجتمع التعزي من جانب وفي المعادلة الوطنية عند حساب رموز الوطن من جانب آخر فحين يحسب أي كائن من يكون الشخصيات الاجتماعية والوطنية المؤثرة لا يمكن له أن يخطئ ويتجاوز الشيخ عبد الرحمن أو يسقطه لأي حسابات يراها مع أنه لم يحاول المزاحمة والوقوف على الأبواب وطلب ود الحكام كما يفعل الكثيرون وأنا على علم ببعض مواقفه التي جاء إليه الحكام يطلبون منه تغييرها لصالحهم.
نستطيع أن نجزم بالقول أن شيخنا رحمة الله عليه عمل طوال عمره بصمت ومات بصمت ولكن أثره وهو حي يرزق يملأ الفضاء دون سعيه إلى ذلك وعند موته ضجت له الدنيا وجاء الناس من كل حدب وصوب يبكونه ويعزون بوفاته ويقرون جميعهم أنهم فقدوا علما ومرجعية وقائدا وثائرا وحكيما وشاعرا وعسكريا فذا ووطنيا من الطراز الأول لم تلن له قناة ولم يداهن على حساب الوطن.
نعم إنه كل ذلك وأختتم بالقول إنني أعلم يقنيا أنه مات رحمة الله عليه وفي عقله وقلبه ونفسه شيء من اليمن وتعز فقد كان قلقا على الوطن وكان يخطط لعمل يجمع القوى الفاعلة ورموزها الاجتماعية والسياسية للخروج بما يحفظ تعز ويحميها ويجنبها ما يخطط لها إيمانا منه بحق انتمائه إلى الوطن والمحافظة فرحمة الله عليك أيها الشيخ الجليل وإلى جنة الخلد الفردوس الأعلى من الجنة بإذن الله هو ولي ذلك والقادر عليه
والله نسأل أن يلهم أهل فقيدنا الصبر والسلوان والسير على دربه ومعهم كل محبيه ورفاق دربه.