مرحى يا عراق 19

أ.د عمر عثمان العمودي

 - إن مضمون الهدف الحقيقي لأمريكا من غزوها للعراق ليس هو القضاء على صدام حسين ونظامه السياسي وما قيل عن أسلحة الدمار الشامل التي يعمل على امتلاكها وإنتاجها وتهديد الدول
العراق بعد صدام حسين

إن مضمون الهدف الحقيقي لأمريكا من غزوها للعراق ليس هو القضاء على صدام حسين ونظامه السياسي وما قيل عن أسلحة الدمار الشامل التي يعمل على امتلاكها وإنتاجها وتهديد الدول المجاورة له فكل هذه الأقاويل هي مجرد ذرائع إعلامية ودعائية لأن الهدف المحوري هو السيطرة على العراق الموقع والجغرافيا والموارد المادية والبشرية لخدمة المصالح القومية الأمريكية وجعل العراق ركيزة أساسية للسياسة الأمريكية تجاه إيران وبلاد الشام والجزيرة العربية وغرب آسيا وآسيا الوسطى.
ومن اجل ترسيخ وجوده السياسي والاقتصادي والعسكري في العراق جاء ما يعرف في العراق بدستور بريمر الحاكم الأمريكي الذي عينته أمريكا على العراق بعد غزوها له مباشرة والدستور الجديد له علاقة بتجارب سابقة لها في ألمانيا واليابان بعد هزيمة الدولتين وخضوعهما للاملاءات الأمريكية.
ودستور بريمر هذا له مسحة ديمقراطية ولكنه لا يقوم على فهم عميق لخصوصية العراق وظروفه التاريخية وطبيعة شعبه المتعدد المذاهب والأعراق والطوائف ولم تنجح الإدارة الأمريكية رغم طول احتلالها في كسب ود وصداقة شعبه لأنها لم تأت أساسا للنهوض به وتحقيق العدل والمساواة بين طوائفه المختلفة وعلى أساس ديمقراطي حقيقي وكذلك من جراء نفور ورفض شعب العراق لوجود من قتل وشرد أبناءه ودمر بلاده ومؤسساتها العامة والخاصة.
الدستور المذكور وضع مواده وأحكامه خبراء من خارج العراق ومن أعداء العرب مثل: الخبير القانوني الأمريكي اليهودي الصهيوني نوح فيلدمان والمسيحي الأمريكي العربي الأصل فريد زكريا وعملاء من العراق ممن بدوا على ظهور الدبابات الأمريكية الدستور إياه يقوم في الظاهر على فكرة الدولة الاتحادية الفيدرالية ولا عيب في ذلك إذا كانت تقوم على توازنات وضمانات عادلة ومتكافئة ولكنه عملا وفي الجوهر يسعى إلى حكم يحاكي دولة لبنان وظروف لبنان ديمقراطية طائفية تقوم على التوافق وعلى المحاصصة في تقسيم وتوزيع المناصب القيادية التشريعية والتنفيذية والقضائية ونجاح مثل هذا النوع من نظام الحكم يحتاج إلى وعي وفهم سياسي ووطني متقدم وهو ما لا يتوفر في العراقيين الذين لم يتعودوا ويعتادوا على الحوارات المتسامحة وعلى تقدير الرأي والرأي الآخر والاعتراف بالتباين في الفكر والمصالح واعتبار الوطن ومقدراته كلها لأبنائه من مختلف الطوائف كما تفتقر الديمقراطيات الطائفية للاستقرار والأمن والنظام الركيزة الأولى اللازمة للنمو والتنمية المستدامة وللتقدم والازدهار.
وتعرضت العراق منذ الغزو الأمريكي لها عام 2003م لسلسلة من التفجيرات وموجات العنف وسفك الدماء ولم تتوقف هذه الحالات شبه اليومية بل نراها تتزايد يوما بعد يوم ضد المحتل وأزلامه ولم تتوقف بعد خروج أمريكا شبه مهزومة ولا تزال تتصاعد وتتنوع قواها وعناصرها وكلها تعود إلى سياسة “فرق تسد” أو “وحد تسد” التي جاء بها الغرب إلى بلاد العرب والمسلمين.

قد يعجبك ايضا