مرحى يا عراق 18
أ.د عمر عثمان العمودي
نتائج وتوابع الغزو الأميركي للعراق عام 2003م:
ما حدث للعراق وما تعرض له العراق من تدمير وتخريب وتحطيم عام لبنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية في مارس- أبريل عام2003م كان كارثة ومأساة متكاملة الأبعاد ويتحمل مسؤوليتها الأولى القيادتين السياسيتين الأميركية وشريكتها البريطانية لأن ما حدث للعراق كان غزوا عسكريا استعماريا لم يقم على حجج وأسانيد شرعية وقانونية حقيقية وإنما على ذرائع مصطنعة وملفقة تمت تغطيتها بحرب نفسية وحملة دعائية غربية استعمارية صهيونية لأن العراق في تلك المرحلة لم يكن يملك أية أسلحة أو معدات عسكرية تهدد أحدا لا تقليدية ولا متطورة ولا من قبيل أسلحة الدمار الشامل وكانت حشوده العددية شبه العسكرية هي في حقيقتها تعبر عن رفض الإنسان العراقي الحاكم والمحكوم للإملاءات المهينة من الغير له ولبلاده الدولة والسيادة والأرض والموقع والموارد المادية والبشرية من حقه أن يدافع عن وجوده واستقلاله بقوة المناورة وبمناورة القوة المتاحة.
الغزاة الأقوياء بالعدد والعدة كما وكيفا وبالتكنولوجيا والمال تمكنوا من هزيمة العراق والهزيمة كانت متوقعة ومنطقية ولكن ما لم يكن متوقعا هو سرعة انهيار النظام السياسي والقيادة السياسية العراقية في أقل من شهر وما لا يمكن تقبله من صدام حسين وأركان حكمه أنهم لم يستعدوا بخطة للمقاومة السرية من تحت الأرض وبأسلوب حرب العصابات وقيادات المقاومة المتعددة والقادرة على مواصلة الحرب ضد الغزاة المحتلين للوطن لأن صدام وكبار قادته وأركان حكمه انفرط عقدهم وتفرقوا على أساس فردي بحثا عن السلامة الشخصية وتم بعد دخول جحافل الغزاة العسكرية ومعها مثلها من عناصر الخدمة الإدارية و اللوجستية والعملاء وبواسطة المال والمطاردات المستمرة – تم- إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم وإصدار الأحكام عليهم وفقا لإرادة المحتل والعملاء الذين جاءوا على ظهور دبابات لحكم العراق.
نهاية حكم وحياة صدام حسين:
تقييم حكم وسيرة قادة وزعماء الدول الذين ارتبط وجودهم في الحكم بأحداث سياسية كبيرة في تاريخ وتطور مجتمعاتهم السياسية هو عملية صعبة ومثيرة للجدل وتتأثر كثيرا بميول وأفكار الدارسين الشخصية والمذهبية وكثيرا ما تتأثر أيضا بخاتمة عهد كل قائد وزعيم ماذا حقق وكيف انتهى وإلى أين¿ ماذا يمكن أن يقول الدارسون والمؤرخون عن الزعيم النازي الألماني لو أنه انتصر في الحرب العالمية الثانية¿ وماذا يمكن أن يقولوا عن عبدالناصر لو أنه انتصر في حرب يونيو 1967م¿وعن صدام حسين لو تحققت أهدافه في حرب الخليج الثانية (عملية غزو الكويت1990م) ناهيك عن الغزو الأميركي ماذا لو صمد له وقاومه عن طريق حرب العصابات وتم إيجاد حل أو تسوية تحفظ للعراق سيادته وعزته وترغم الغازي المحتل على الرحيل¿
حوكم صدام حسين وأعدم وكانت نهايته مأساوية ولكنها في الغالب تحسب له ولمكانه في التاريخ السياسي العربي قال لا لأعظم قوة في تاريخنا المعاصر في أميركا , ودفع ثمن تحديه لها ويحسب له أن من حاكمه وأصدر الحكم بإعدامه هم جميعا من الأوباش والعملاء الذين جاء بهم الغزو الأميركي, يوصف صدام بالشجاعة والحيوية وقوة الشكيمة والحزم وحب المغامرة المحسوبة وغير المحسوبة وهو زعيم عراقي وطني وعروبي وعلماني غير أنه ديكتاتور مستبد وعنيد ربما جاء إلى الحكم متأخرا عن منطق عصره وغالبا أنه لم يدرك الترابط الحتمي بين الحق والقوة والكيان والدبلوماسية السياسية والحلم والحكمة وكما قال المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو الأول وهي في المحل الثاني .