مرحى يا عراق 15

أ.د. عمر عثمان العمودي

 - - نتائج حرب الخليج الثانية:
اكتملت حشود القوى والدول المعادية للغزو العراقي للكويت العازمة على تحرير الك

– نتائج حرب الخليج الثانية:
اكتملت حشود القوى والدول المعادية للغزو العراقي للكويت العازمة على تحرير الكويت ودحر القوات العراقية إلى داخل العراق بعد تدمير وتصفية العدد الأكبر منها وتحقق الحشد اللازم لها برا وبحرا وجوا على مدى خمسة أشهر بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أقوى دولة في العالم وبمساندة حوالي (32) دولة أخرى في مقدمتها بريطانيا وفرنسا ودول عربية كبيرة مثل مصر وسوريا والسعودية وبغطاء شرعي من النظام الدولي ممثلا في مجلس الأمن الدولي وقراراته التي اتخذها في هذا المجال بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
بدأت المعركة في يناير وفبراير وانتهت سريعا كما جاءت التوقعات أو وفقا للتوقعات الموضوعية إذ هزمت قوات العراق سريعا بسبب عدم التكافؤ في القوة والعدد والعدة والإمكانيات والحرب النفسية ولم يكن مع العراق أي قوى إقليمية أو دولية مساندة ولها قيمة وفعالية مادية أو معنوية تذكر خرج جيش العراق من الكويت مهزوما ومهلهلا وتم لطيران أعدائه ملاحقته وضربه إلى داخل العراق وان لم تعمد تلك القوى العسكرية الجبارة إلى دخول العراق وإرغام صدام حسين وأركان حكمه على الاستسلام من غير قيد أو شرط وهذا ما ساعد النظام السياسي العراقي على البقاء وإعادة ترتيب قوته وأوضاعه السياسية والاجتماعية في حدود الإمكانيات المتاحة وقد ساعد هذا الأمر صدام حسين على تصوير النتائج بالانتصار وبوصف تلك الحرب بأم المعارك وتحسب له قدرته في البقاء في سدة الحكم ونجاحه في إخماد أكثر من حركة شعبية مسلحة جندتها القوى الخارجية والداخلية المعادية له وعلى اي حال فقد قبل الكثير من الاملاءات الخارجية المحددة لنطاق قواته العسكرية ومدى تحركاتها وخاصة تجاه إقليم كردستان العراق وبما فرض عليه للكويت ودول أخرى من تعويضات وبالقبول بوصاية دولية على إنتاج النفط وتحصيل عائداته وفقا لما سمي بالنفط مقابل الغذاء.
من المتضرر ومن المستفيد من تلك الحرب¿
كان المتضرر الحقيقي الأول والأخير هو الشعب العراقي الذي لم يكن هو الصانع لمجمل المشكلات والأزمات والحروب والمجابهات التي فرضت عليه من قادة بلاده أو من الخارج وقد دفع ثمنا غاليا وتضحيات جسيمة بفعل ذلك مما اضر كثيرا بحقوقه وحرياته وتطلعاته إلى حياة ومعيشة عصرية كريمة وعلى حساب ما قدمت له من خدمات اجتماعية وصحية وما وفرت له مرافق وبنية تحتية حديثة ومن ثقافة ومعارف وخبرات متقدمة تجعله فخورا بنفسه وبوطنه وانتمائه إليها وولائه لها.
– ألحقت حرب الخليج الثانية الكثير من السلبيات في علاقات الدول العربية الايجابية وأضعفت لعدة سنوات لاحقة عليها النظام العربي القومي والتضامن العربي والعمل العربي المشترك في مجال التنسيق السياسي العربي العام والرسمي والتعاون المتاح والقائم في أكثر من مجال وخاصة في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية والعلمية والصناعية.
– تضرر كثيرا من نتائج تلك الحرب الملايين من أبناء الشعوب العربية الذين كانوا يعيشون ويعملون ويتنقلون بين هذه الدول بسبب صراعات قادتهم وخلافاتهم والتي هي من فعل وعمل أولئك الحكام والقادة ولا دخل لهم بها.
وأما المستفيدون من تلك الحرب ونتائجها فهم كثيرون أبرزهم:
– دولة الكويت التي استعادة سيادتها واستقلالها إقليميا ودوليا وشعبها الذي تضرر كثيرا من الغزو العسكري العراقي لأرضه وعودة عشرات الآلاف منهم إلى وطنهم بعد معاناة الهجرة واللجوء لبلاد الآخرين طلبا للأمان والمساعدة والمساندة الممكنة.
– الدول الغربية الكبرى بزعامة أميركا التي ظهرت في تلك الحرب وبعدها في صورة الدول المدافعة عن حقوق وحريات الشعوب الأخرى وخصوصا أمام الدول والشعوب المتحالفة معها أو الصديقة لها وتلك التي تتطلع إليها من أجل حمايتها من أخطار الدول الكبيرة المجاورة لها.
– وتعتبر إيران من أكثر الدول المستفيدة من تلك الحرب ونتائجها لأنها أضعفت العراق ونظامه السياسي الذي حارب نفوذها وتطلعاتها القومية ورغبتها في تصدير مبادئ ثورتها الإسلامية الشيعية الاثنى عشرية إلى العراق ذاته والى بلدان الجزيرة والخليج العربية والى بلاد الشام عامة.
– حصلت بعض البلدان العربية التي شاركت في تلك الحرب ضد العراق وضمن القيادة الأميركية مثل سوريا ومصر بوجه خاص على مزايا ومكاسب مهمة إذ ألغيت أكثر ديونها المالية من جانب الغرب ودول مجلس التعاون الخليجي وقدمت لها العديد من القروض والمنح الجديدة وفتح المجال أمام القوى العاملة المصرية في هذه الدول مما ساعدها في تحقيق بعض توجهاتها التنموية العامة في أعقاب تلك الحرب.

قد يعجبك ايضا