بأي حال عدت ياعيد ..
نبيل نعمان
نبيل نعمان –
عيد آخر يهل علينا يأتي في موعده بطقوسه وعاداته ينتظره الجميع ويحتفي به الصغير والكبير كل بطريقته تتنوع وتختلف على مر العصور ويرتفع أو ينخفض الفرح والاحتفاء بهذه المناسبة تبعا لأحوال الناس وأوضاعهم المحيطة .
لا يمكن القول بان العيد هذا العام يمر علينا أفضل من سابقه وخاصة على المستوى العام حيث هناك فرق كبير بين العيدين الأول مر علينا حاملا معه نفحات من الأمل في إنجاز مخرجات الحوار والسير باليمن إلى بر الأمان وتوديع عقود الصراعات والفوضى التي أخرت هذا الوطن وكبلت حركته رغم وجود تفجير وقتل وفوضى في أكثر من مكان من أرضنا الطيبة لكن الأمل كان مشرعا وعيون الناس تتجه إلى المستقبل بانتظار ماسيحمله من خير وسلام لعموم الوطن .
وكان مؤملا أن يأتي العيد هذا العام وقد اتسعت دائرة الأمل وفتحت الآفاق للمستقبل المنشود والذي طال انتظاره جاء على غير ذلك بل وأحوالنا أسوأ مما كانت عليه قبل عام فذاك الأمل تلاشى وعيون الناس الشاخصة صوب المستقبل أصابها الانكسار ولم تعد ترى سوى مشهد ضبابي غير واضح المعالم تدفع أصحابها إلى التفكير الف مرة بما عاشوه واعتبروه ضالتهم في تحقيق آمالهم في العيش الكريم بعيدا عن مآسي الماضي بعد أن وجدوه مجرد حلم وربما يوتوبيا جميلة سرعان ما تكشفت حقيقتها تحت أزيز الرصاص وفوهات المدافع والتحريض .
الإنسان ابن بيئته ولا يمكنه أن يعيش خارج الإطار العام وتنعكس أوضاع محيطه على مزاجه وحياته وعلاقته بالناس ونظرته إلى المستقبل فعندما يكون الأفق مفتوحا إلى المستقبل ويقدم الآمال حتى وان كانت مجرد يوتوبيا فإن الحياة تكون معه مستبشرة على عكس الحال الذي يكون عليه الإنسان عندما تغلق كل آفاق الأمل بل والدفع بك إلى طريق الماضي ليتم معه تقويض كل أمل وطموح في التأسيس للقادم المؤمل والمنتظر من زمن طويل .
مانعيشه اليوم لم تمر به اليمن في تاريخها المنظور وأن يصل فيها الإنسان إلى هذه الدرجة من التيه وعدم اليقين في أي شيئ .. يسير بلا هدى تتقاذفه الأمواج والأهواء والأمزجة في كل اتجاه وكأنه فاقد للوعي والإدراك ولا يدري إلى أين يسير وفي أي اتجاه وأين ستستقر به الأيام .. لم يكن الناس يوما بهذا التشويش والغموض في حياتهم العامة ولايدركون مصيرهم وحتى جزء منه وكل هذا بالطبع يلقى بظلاله على حياة ونفوس الناس وبالتالي تفكيرهم وممارساتهم تجاه ذواتهم والآخرين تتجسد مجتمعيا في علاقة الناس ببعضهم البعض .
ثمة ثوابت من غير المقبول تجاوزها للإبقاء على الحد الأدنى من أبجديات التعايش المشترك والسلم الاجتماعي لأن الأيام والسنوات الأخيرة أثبتت أن الاقتراب من آفات وأمراض العصر الضاربة أطنابها في أكثر من منطقة عربية من شأنه أن يصيب هذا الوطن بوباء فتاك لن يخرج منه متعافيا ولو بعد حين .
العيد باعتباره حالة تجلي روحانية تحمل في ثناياها من التسامح والتراحم والوحدة الكثير هو فرصة كبرى لاستعادة هذه الصفات الحميدة وأعمالها في حياة الناس لمعالجة ما علق في النفوس والعقول يتجاوز معها الناس أوضاعهم الراهنة يمكنهم البناء مجددا على عقدهم الاجتماعي الجديد المؤسس على مخرجات الحوار الوطني التي ارتضتها أطياف المجتمع وأجمع عليها لتكون المدخل الآمن ليمن المستقبل وغير ذلك دونه الكثير من المخاطر وعلينا سريعا الاختيار قبل فوات الأوان .. وكل عام وأنتم بخير .