عن الاصطفاف ومآلات الواقع
عصام المطري
المفارقات عجيبة بين اصطفاف اليوم ومآلات الغد بكل تفاصيل وتعقيدات المشهد السياسي فالأمة اليمنية الواحدة الموحدة تمضي في ثقة إلى المعالي على الرغم من المزالق المخيفة جانبي الطريق فمنذ تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو المجيد عام 1990م والأمة في اصطفاف دائم ضد خفافيش الظلام الذين كانوا يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وظلت الأحوال كذلك حتى انشطر الصف الوطني الواحد وتداعى اليمانيون إلى رفع السلاح في وجه بعضهم البعض وكانت حرب صيف عام 1994م بكل مآلاتها وتداعياتها الخطرة على مستقبل البلاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.
فاليوم ينزوي شعب بأكمله خلف قضبان الاصطفاف الوطني الواسع والعريض الذي نرى فيه كبحا لجماح المتخندق حول صنعاء الإباء والشموخ. إلا أننا نرى فيه أيضا أي الاصطفاف تقييدا لحريتنا في إمساكنا عن الرد الحاسم على جحافل المرجفين الذين يحاولون تطويق الحياة العامة, وخلق أجواء ومناخات متوترة حيث قال المرجفون في أبناء شعبنا ما لم يقله مالك في الخمر على أن هنالك العديد من المآلات في واقعنا الوطني جراء تموضع “الحوثي” في الشريط الحدودي للعاصمة صنعاء إذ كنا نعيش بسلام في ظل الوفاق والتوافق بين أمشاج النسيج الاجتماعي الواحد فعمد “الحوثي” إلى شق عصا التوحد والوحدة, وأعلن الانقسام والتشظي في الصف الوطني فالانقسام والتشظي من مآلات الواقع المتأزم. قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه “ولا تنازعواú فتفúشلواú وتذúهب رöيحكمú”. ومن مآلات وتداعيات الواقع اليوم عرقلة مسيرة التسوية السياسية العادلة وشغل الدولة بمؤسساتها وأجهزتها المختلفة بالتراهات وسفاسف الأمور التي تحاول عبثا اثناءنا عن مبتغانا وأهدافنا الاستراتيجية في بناء الدولة المدنية الاتحادية الحديثة الديمقراطية.
إلى ذلك فإن التصعيد “الحوثي” أنكأ الجروح وولد الضغائن والأحقاد والحسد حيث تؤول الأوضاع إلى التردي فالاصطفاف الوطني والشعبي هو اصطفاف من أجل السلام وهو إجماع وطني كبير على نبذ العنف والتخريب والإرهاب ونبذ أيضا لكافة أشكال وصور الكراهية والانقسام والتشظي كما أنه دعوة إلى ترك الاستقواء بالسلاح وهو إطراح لنظرية الحرب التي هي على رأس كل أزمة سياسية فالحوثي يريد الولوج إلى الحرب ويعلنها شعواء على كل المخالفين له في التوجه المذهبي لا سيما وأنه خارج من معارك غذت في قلبه الكبر والغرور باقتداره على غلب مناوئيه الذين يغلبون سياسة التحلي بضبط النفس إزاء ما يعتمل في المشهد الوطني وما يقوم به الحوثي من استفزازات تستهدف تدمير وتحطيم الممتلكات العامة كتلغيم وتدمير مقر الدائرة “19” وهدم دار القرآن الكريم في شملان.
لقد خرج الحوثي عن ما يحاول التشدق به بأن احتجاجاته سلمية وهو مع السلمية ويحاول أن يصور للناس أنه مستهدف وأن ما يقوم به إلا للدفاع عن نفسه فالمطلوب أن يرضخ إلى نداءات العقل وإلى الكف عن إشعال نيران الحرب المدمرة التي ستأتي على الأخضر واليابس ولن تكون كدماج أو عمران فالحوثي يحفر قبره بيده حيث عجز عن التوازن سياسيا وعسكريا فهو ماض إلى التصعيد وفتح جبهات للحرب والاقتتال إلا أن الأطراف الأخرى لا تستجيب لحماقاته مجنبة الوطن ويلات الإنزلاق إلى قعر جهنم ولظى الحرب التي تلفح الوجوه والأجساد فدعوتنا إلى الأخوة “أنصار الله” أن يراقبوا الله ويراعوه في هذا الوطن الجريح الذي لا نحبب أن ينزلق في مزالق الحرب الأهلية.. وإلى لقاء يتجدد والله المستعان على ما يصنعون.