تطل الحياة من وسط الركام …

عبد الرحمن بجاش

 - أتصل بي صديق عزيز يسألني : في هذه الظروف هل أتمم فرحة ابني بحفل الزفاف ¿¿ قلت : ما الذي يمنع ¿ قال : الظروف الحالية , ابتسمت قلت : تصدق , أنني مهموم من كثرة الدعوات التي عندي والتي يتصادف
عبد الرحمن بجاش –
أتصل بي صديق عزيز يسألني : في هذه الظروف هل أتمم فرحة ابني بحفل الزفاف ¿¿ قلت : ما الذي يمنع ¿ قال : الظروف الحالية , ابتسمت قلت : تصدق , أنني مهموم من كثرة الدعوات التي عندي والتي يتصادف معظمها في يوم واحد , فهم ما اقصد فقال : على بركة الله , وبعد الغروب غادرت الكهرباء حسب المعتاد , وساد صمت الليل إلا أن ضوءا قويا انتشر في نهاية الشارع لتصدح أصوات الأبواق , والشرح اللحجي حنت دوائره, لأسال : وهذا عرس من ¿ قالوا : عرس جار جديد , فيم كانت أذني تحاول التقاط أي أصوات تأتي من البعيد تنذر بما لا يحمد عقباه , غصبا عني وبرغم أصوات المفرقعات المزعجة إلا أن نفسي تساوقت مع فرحة الشارع , وأندمجت مع صوت الدان , قلت : عش اللحظة يا بجاش واترك أمر ما بعدها لربك , ذلك منطق عمل به كبار السن في قرانا, وعندما كانت صنعاء التي تتحمل كل هموم هذه البلاد لا تزال بكرا وتقاوم, وإرادة الحياة الآن لم تغادر أعماقها برغم كل الضربات !!, أتذكر يوسف الحمادي أيام السبعين يوما , وكان (( مستري )) المخبز في باب اليمن , حين يسمع دوي أول دانة في السماء , فيسمع أصوات العمال : يا لله يا رجال هبوا , كانوا أوقات الضرب يجرون باتجاه نقم , حتى إذا أنتهت وجبة اليوم من الدانات عادوا إلى أعمالهم , إلا الضريبي, والوسع, والذبحاني, والسري, فلا يغادرون , و الحمادي يقول لك والابتسامة لا تفارق وجهه (( والله ما أسيب العجين يذهب سدى )) , كان الجيش يومها والطلبة والمستشفيات تتزود بالخبز من مخبز الثورة باب اليمن وأنا أذهب مع الحاج لنسلم الأستاذ حسين الذماري رحمه الله حصة الأيتام من الروتي , إلى غرفة صغيرة بجانب باب البكيرية, كانت صنعاء أنثى فاتنة سريرتها ماء سلسبيل , و كان ثمة رجال كبار نفوسهم تملأها أخلاقيات شجاعة تجعلهم يتمسكون بالحياة التي يصنعونها , اليوم برغم كل التخويف وحيث صنعاء صارت بلدا, تظل إرادة الحياة جذوة تشتعل في النفوس الكبيرة التي لم تصب بالصدأ بعد !! , ترى الأعراس فتدرك أن الغلبة للحياة أمام الدعوات للحروب والمصائب , هل تتذكرون ابان حرب الـ 15 عاما في لبنان ذلك البلد الحي الصغير , كانت لياليهم, بهجة وفرح , رقص وموسيقى , مسرح وفيروز تغني للقمر !! , تدوي القذائف وتمرق الصواريخ , تنتصر على فجائعها لبنان بالصوت, والنغم , ورنة جيتار , وقالوا ضمن ما قالوا في العالم حيث إرادة الحياة تظل تنتصر : لو رأيت ثمة ضوء في الهزيع الأخير من الليل وسط غابة فاعلم أنها لمقاتل فيتنامي يعزف على الجيتار , تظل إرادة الحياة دائما أقوى من رغبة البعض في الموت , أكبر من لحظة يأس , من لحظة اكتئاب , أكبر من لحظة ضجر , تظل الحياة طفل يتطلع إلى الحياة الأجمل والأفضل …..تظل إرادة الحياة منتصرة على الدوام ….ومن وسط الركام دوما يأتي الأمل ………

قد يعجبك ايضا