كائنات معدنية تقتل

جميل مفرح


 - 
* ترى من أين يكون البدء لنبدأ¿ وكيف يكون البدء حين تحاصرنا الحسرة والعبرة والأسف والغضب من كل جهاتنا¿ وحين نغص بالفجيعة وتدركنا حشرجات الأسى¿
* ك

* ترى من أين يكون البدء لنبدأ¿ وكيف يكون البدء حين تحاصرنا الحسرة والعبرة والأسف والغضب من كل جهاتنا¿ وحين نغص بالفجيعة وتدركنا حشرجات الأسى¿
* كل الجهات مفتوحة من حولنا لنبدأ أو لنقول لنبكي ولنغضب كما كان لنا من قبل وكما لم يكن لنا أبدا.. كل الفرضيات والأسباب والعوامل تفرض علينا الصراخ كما تلزمنا بالوجومونحن نتجمد مبهوتين فاغري الأفواه مشقوقي القلوب إزاء مناظر لم نكن نعتقد ولا نصدق أن بشرا يجرؤون على رسم تفاصيلها البشعة لتبدو كما بدت عليه من فوهات لجحيم سحيق يتفننون في صناعته للإنسانية بكل معانيها منذ نشوئها وحتى لحظتها..
* إن ما ظهر من مشاهد مروعة لانتفاء الإنسانية في جريمة ذبح الجنود في سيئون أو فلنقل جريمة ذبح البشرية لا يمكن له أن يكون بأي حال من الأحوال معيارا أو قياسا لتنافس أو تنازع سياسي أو ديني أو فكري أو عقدي ولا يمكن أن يعبر عن وجود لأي كائن أو تكوين بشري طبيعي يريد لنفسه انتصارا من نوع ما أو يلهث لغرض توجه سياسي أو ديني أو فكري ما ولا هو حتى تعبيرا عن انتقام من حالة ما أو من فئة بشرية ما أو من نظام سياسي ما.. إنه أبشع من أن يعد تصرفا أو سلوكا بشريا وأبعد من أن يكون معقولا أو منطقيا أو تتحمل مشاهدة مخيلة إنسانية مهما كانت مغموسة بالشر والبشاعة والقبح!!
* إن ما ظهرت عليه الصور البشعة التي أذهلت البشر وكادت تنطق باللعنة إزاءها الحجر والشجر لا تنم عن تصرفات في حدود المقبول وإن بنسبة واحد في المليون وإن من يقف وراءها لم ولا يسعى لأن يفرض رأيا أو توجها أو فكرا سياسيا أو اعتقاديا يسعه طبيعيا يسعى لأن يكسب أو أن يصل إلى منجز من أي نوع ولا هو كما أسلفت يهدف لأن يوصل رسالة اعتقا دية أو رسالة دينية أو بشرية من أي مستوى.. ولا هي أيضا عملية انتقامية من أحد بعينه
* أو نظام بذاته إنها أبشع من ذلك بكثير ولا حدود تكاد تذكر.. إنها تنم عن انتقام من الوجود بأسره إذا كانت انتقاما.. بل وممن خلق الوجود الذي لا يمكن أن نتوقع أن هناك من يدعي أن ما يحدث في مرضاته..
* بل إن ما حدث بخصوص هذه الجريمة وبالتدقيق في تفاصيلها وكيفياتها ومرتكبيها يكاد لا يتعدى كونه رسالة بأن ثمة شرا كائنا في الوجود شرا لا أسباب له أو غير معني بإبداء أسبابه شرا مفتوحا على الإطلاق لا هدف منه ولا غاية له إلا التعبير عن وجوده ولا يهمه الكيفيات والطرق التي يفعل بها ذلك التعبير..
* إن ما حدث لأولئك الجنود شر لا يكاد المنطق أن يجد له مبررا وإن يكن خاطئا.. وللتدليل على ذلك فإنه من المستحيل أن تجد من قاموا به وإن أعلنوا عن وجودهم واعترافهم أو ألقي القبض على أحد منهن لن تجد منهم تبريرا أو سببا يدافعون به عن أنفسهم بل لن تجدهم يدافعون عن أنفسهم بالمرة وسنجدهم وكأنهم في حالة عدمية ممعنة وكأنهم كائنات معدنية أو حجرية اختل توازنها وانهالت على البشرية لتمحو ما تواجد منهم حولها!!
* إن ما قام ويقوم به أولئك الكائنات المتجمدة أو الجماد فعل يتجاوز كل الحدود والمسافات التي يفترضها العقل والمنطق ويفرضها الواقع والممكن وإن الصورة التي بدأ عليها مرتكبو هذا الفعل الشنيع لا يكاد يعبر عن شيء سوى أن هناك آلات تستطيع أن تتأبط الشر بدون أسباب أو مبررات لتسفك الدم وتقتل النفس التي حرم الله قتلها وجرمت الشرائع والقوانين البشرية التعدي عليها بأي شكل من الأشكال!!
* وإن التعامل مع فئة كهذه وخصوصا من قبل الدولة والأجهزة المختصة خصوصا مع تنامي ما بدر منها بشاعة وقبحا يجب أن لا يكون تعاملا بشريا طبيعيا يجب التعامل معهم كما يتم التعامل مع الحيوانات البرية الهائجة والمتوحشة التي تهاجم المجتمعات البشرية وألا يتم التعامل معهم بالسلبية والبرود اللذين تعودنا هما فيما سبق.. فحين يكون ثمة حيوان هائج طليق يهدد البشرية يجب ألا تنام أعين الجهات المختصة دون أن تقضي عليه قبل أن تتزايد شروره اللامبررة وتتضاعف ضحاياه البريئة.. وأتمنى أن تكون تلك الجهات عند مستوى المسئولية وإدراك نتائج سلبية التعامل مع هذه الكائنات التي تهدد المجتمع.

قد يعجبك ايضا