أثر مشكلات الشباب على السلم الاجتماعي..
د. أحمد حمود المخلافي
تناولنا بالأمس ضمن منشوراتنا في صفحة التواصل الاجتماعي (Facebook) خطورة اتساع ظاهرة الانتحار بين أوساط الشباب في الآونة الأخيرة..وكانت (وزارة الداخلية) رصدت خلال أيام رمضان وعطلة العيد ثلاث عشرة حالة انتحار في تسع محافظات أغلبهم فتيات!!!
وكسبب ونتيجة معاللأوضاع المعيشية الصعبة أقدم صباح الأمس أحد شباب محافظة تعز(18)عاما على الانتحار حرقا..بإضرام النار في جسدهفي منزل أحد أقربائه وسط مدينة إب.. مستخدما في ذلك مادة البنزين سريعة الاشتعال..ليضع حدا فاصلا لاستمرار حياته.. ليست هذه الحادثة عابرة أو استثنائية بل أصبحت عامة وشاملة!.
وتضاف هذه الظاهرة الخطيرة إلى ظواهر اجتماعية أخرى أشد خطورة ليشكل تضافرها معا تهديدا بالقضاء على أمن وسلامة المجتمع وتفتك ببنيته ومكوناته وعلاقاته وتؤثر سلبا على إرثه التاريخي والثقافي وتنال من أخلاقه وقيمه.. ومن أمثلة هذه المشكلات وأخطرها هي ظاهرة انتشار وتعاطي المخدرات والترويج لها والاتجار بها بين أوساط الشباب..
ففي الوسط البيئي للمجتمعات المحلية الأكثر فقرا في الاقتصاد والتعليم تنمو ظاهرة التعصب المفضي إلى التطرف وتولد وتغذي النزعة العدوانية عند بعض الشباب وتعمل على تحويلهم إلى قنابل موقوتة لتصبح معها فريسة سهلة في متناول يد الجماعات الإرهابية..
وتعد ظاهرة نمو الحالات النفسية المتنوعة والمتعددة المستويات بين أوساط الشباب نتاجا مباشرا للدورالذي تلعبه هذه المشكلات في عملية انتشار واتساع كل تلك الظواهر الاجتماعية المهددة للسلم والنماء الاجتماعي بكل أنواعها وصورها وأشكالها المرعبة..
وتظهر نتائج هذه الأمراض الاجتماعية وآثارها الفتاكة بصور متنوعة أقل ما يمكن وصفها بأنها الأشد خطرا وغرابة والأكثر رعبا.. فكثيرا ما نسمع عن حوادث غريبة لم يألفها مجتمعنا اليمني المتميز بكونه غني بالكثير من القيم الحميدة من ذلك مثلا: ما نسمعه عن شاب يقتل أمه أو يذبح أبناءه.. أو يعتدي على الأطفال ويهتك براءة الطفولة ويقضي على سلامتهم النفسية والاجتماعية مدى الحياة أو تصل مثل هذه الجرائم العنيفة إلى حد القتل.
فلماذا أصبح شبابنا أكثر عرضة لمثل هذه الانحرافات الاجتماعية وتحوله إلى بيئة مواتية لنمو مثل هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة¿
في الواقع تمثل هذه الظواهر ثمرات إنتاج لمشكلات مركبة اجتماعية واقتصادية وثقافية تعم أغلب فئة الشباب ولا تستثني أحدا من الجنسين..
ولكن آثارها أكثر حدة وأشد وطأة على الشابات إذ يضاف إلى تلك المشكلات العامة والمشتركة مشكلات ترتبط بالنوع الاجتماعي وأصعبها وقعا على الفتيات تلك المرتبطة بالشرف فضلا عن طبيعة التنشئة الأسرية والاجتماعية التي تتلقاها الفتاة والتي تضعف من شخصيتها في مواجهة تحديات الواقع الاجتماعي والحياتي..
فهل هناك إمكانية لاقتراح وتنفيذ معالجات جادة تسهم في انتشال الشباب من براثن هذه الظواهر الفتاكة¿
بعيدا عن التنظير والإسهاب نعتقد أن أهم المعالجات السريعة والممكنة التي يمكنها المساهمة الفاعلة في انتشال الشباب من هذه المخاطر المحدقة والمحققة تتمثل في:
1- فتح مجال التشغيل في المشاريع العامة بشكل جماعي وفقا لطريقة (مشروع غاندي في الهند) الذي فتح المجال أمام الشباب لشق الطرق وبناء السكك الحديدية وتشييد الجسور والقناطر التي تربط المدن الهندية ببعضها وبأريافها وما أن يستكمل مشروع حتى يتم توجيههم إلى آخر بشكل متواصل وهي طريقة كتب لها النجاح في تشغيل الشباب في مشاريع البنية التحتية وتقضي على الفراغ وما يولده من إحباط ويدر عليهم دخلا مباشرا دونما أي التزام حكومي بتوظيفهم رسميا..
2- الترويج لنشر ثقافة الاقتصاد الأسري وتنمية روح المبادرة لدى الشباب في تأسيس مشروعاتهم الصغيرة والتنافس بين مؤسسات التمويل لتقديم قروض حميدة وميسرة مشروطة بتأسيس مشروعات صغيرة.. والمساهمة النشطة والهادفة إلى بناء وتنمية قدرات الشباب لإدارتها بصورة سليمة وناجحة تعزز من فرص قابليتها للتطور والديمومة وتدر دخلا متصاعدا للشباب وأسرهم..
3- فتح مؤسسات القطاع الخاص أما الشباب للعمل الطوعي كمتدربين وتشجيع منح الفرص التدريب التطبيقي لاكتساب الخبرات والمهارات المهنية والفنية اللازمة والمطلوبة لسوق العمل وتؤهلهم للحصول على فرص التوظيف في سوق العمل الوطني والإقليمي..
وهي معالجات لا تكلف الدولة أو القطاع الخاص أي خسائر أو أعباء.. بل على العكس سيكون لها ستعود بالنفع العام للجميع