مستقبل العالم

تتعدد الأصوات وتتباين أو تتعارض الآراء حول مستقبل العالم الذي نعيش فيه من حيث الموارد التي يمتلك عليها البشر من أجل تأمين معيشتهم وبقائهم. تتراوح التوقعات بين التأكيد أن موارد العالم المحدودة ستنضب بالضرورة مثل كل ما هو محدود وبين التأكيد المقابل الذي يقول أصحابه أنه سوف يتم التوصل عن طريق التقدم العلمي إلى حل جميع المشاكل المطروحة.
«الرهان» هو عنوان كتاب أستاذ التاريخ في جامعة يال الأميركية والأخصائي المعترف فيه دوليا في مجالي البيئة والطاقة بول سابان. وموضوع هذا العمل بالتحديد هو مناقشة توقعات الخبراء والاقتصاديين حيال «مستقبل العالم الذي نعيش فيه».
وإذا كان بول سابان يتوجه في عمله إلى الجمهور العريض من أنصار البيئة والاقتصاديين ورجال السياسة وكل من يهتم بتاريخ العالم فإنه يتعرض عموما لمسألة مستقبل العالم والتحديات التي تواجهها الإنسانية اليوم وفي الفترة القادمة من خلال مناقشة مآل «الرهان» وتاريخه بين أستاذين جامعيين كانا قد أطلقاه بينهما في مطلع سنوات الثمانينات حول أفق المستقبل.
أحدهما مدافع شهير عن البيئة هو بول ايرليتش الذي يعرفه العالم كثيرا بعد صدور كتابه الذي يحمل عنوان «القنبلة السكانية» الصادر عام 1968 ليعرف بعد ذلك إعادة الطبع عشرات المرات والترجمة إلى العديد من لغات العالم. والآخر اقتصادي محافظ هو جوليان سيمون المعروف بدراساته عن الحلول التي تقدمها التكنولوجيات الحديثة باستمرار لمشاكل العالم. من هنا جاء العنوان الفرعي للكتاب «بول ايرليتش وجوليان سيمون وتصوراتنا عن مستقبل الكون».
ويشرح المؤلف أن بول ايرليتش راهن على أن مآل موارد المعمورة هو الشح والندرة. بل كان قد توقع أن السبعينات والثمانينات ستشهد حدوث «مجاعات ذات امتداد فوق التصور» وما سيترتب عليه «موت الملايين من البشر» بسبب التزايد السكاني الديموغرافي بالوتيرة التي هو عليها اليوم. ويرى المؤلف أن ايرليتش أعلن عن رؤيته لمستقبل العالم في الجملة الأولى من كتابه الشهير التي جاء فيها: «لقد تمت خسارة معركة تأمين الغذاء لمجمل البشر».
أما جوليان سيمون الاقتصادي غير المعروف كثيرا على الصعيد الأميركي العام والباحث في جامعة «اللينوا» فقد أظهر قناعته الثابتة بخطأ آراء منافسه الريتش. بالتالي راهن أن التجديد العلمي والتكنولوجي سيكون كفيلا بحل جميع المشاكل مستقبلا وفي عدادها شح الموارد الغذائية والمجاعات. ذلك من خلال «طاقات المواهب الكامنة لدى أصحاب العقول الواعدة» ويقصد أهل العلم والمبدعين في مختلف مجالات التكنولوجيا.
ويشرح المؤلف أن أفكار ايرليتش حول «القنبلة السكانية» ونضوب موارد الأرض التي يعيش عليها البشر وجدت ترجمتها في السياسة التي انتهجها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في مجالين جوهريين هما الطاقة والبيئة.