في وداع الشهر الفضيل
أحمد الأكوع
رغم مشاكل اليمن وأزماتها المتتالية وانعدام المياه والكهرباء والنفط ومشتقاته, رغم كل تلك المشاكل التي لا نهاية لها لكن في شهر رمضان عاش الناس فيه متطلعين للرخاء والأمن والصحة والعافية, وفي الحديث إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين, وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (ذاكر الله في رمضان مغفور له وسائل الله فيه لا يخيب).
كم من داع في الشهر الفضيل دعاه, وها هو رمضان يودعنا وودعه, وللأسف أن من أدرك رمضان ولم يغفر له فيه فقد فاته ربح العام, ومن أدرك العشر الأواخر منه ولم يصل الصيام فيها بالقيام ويلذ نفسه فيها بتلاوة أفضل الكلام كلام الملك العلام فقد حرم الخير ولم تكن له أسوة حسنة بخير الأنام محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام, فلقد كان أجود بالخير من الريح وكان أجود ما يكون في هذه الأيام يدارس جبريل – عليه السلام – كتاب الله في هذا الشهر على التمام.
ولذلك نقول : ما أكرم الله أمة من الأمم بمثل ما أكرم به الأمة المحمدية في شهر رمضان, فذنوبهم مغفورة وعيوبهم مستورة ودعواتهم مستجابة ومضاعفة للأجر, وقد أكرمنا الله فيه بإنزال كتابه العزيز في ليلة القدر التي هي (خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر), ومن صادفها من عباد الله وسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه إياه وكفاه مهمات الدهر.
وفي رمضان نلاحظ التاجر الخبير يغتنم فرصة الأسواق ويجد في البيع والشراء ويحرص على معاملة التجار ويتحمل في سبيل تجارته الأذى ويصبر من أجلها على البلاء ويقاسي مشقة العمل وتكاليف الأسفار لا لشيء سوى أنه طعم لذة الاكتساب وتحصل على الدراهم, وللآخرة أسواق يربح فيها قوم ويخسر فيها آخرون.
ففي ذمة الله يا شهر التلاوة والتسبيح, وفي ذمة الله يا شهر القيام بالتراويح, وفي أمان الله يا شهر المصابيح, يا شهر البر والإحسان واليمن والبركة والرضوان والإيمان الصحيح, ففيك يجيء النشاط لكل عمل مليح وتقصر فيك الإرادة عن كل قبيح فيك بجواد الشحيح ويغني الفقير ويستريح, وفيك يقبل المؤمنون على الطاعة وصدق اليقين, يعمرون المساجد ويظهرون شعائر الدين: (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين).
شعر
(من شعر الكاتب)
يا شعر إن لم تكن جمرا تضرمه
أناتنا فلك الفقدان والعدم
ما أنت يا شعر إلا غضبة هدرت
وثورة في حنايا النفس تحتدم
فرب قافية قد حكمت سررا
وغالب الشعر في أفعاله القلم
ورب شاعر حر قد بنا وطنا
وثار حتى تحدى الظلم والظلم.