الطاحونة تعود من جديد ..!!

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - ثلاثة أعوام ونيف تمر منذ الأزمة الوطنية العاصفة ونصف عام منذ إعلان مؤتمر الحوار لوثيقته التوافقية النهائية.. والسؤال الذي يحفر في ذاكرة الكل هو ما الذي تحقق ¿!!
ثلاثة أعوام ونيف تمر منذ الأزمة الوطنية العاصفة ونصف عام منذ إعلان مؤتمر الحوار لوثيقته التوافقية النهائية.. والسؤال الذي يحفر في ذاكرة الكل هو ما الذي تحقق ¿!!
نزيف الدم ما يزال يتدفق وشبح الحروب المدمرة يطل برأسه بين الفينة والأخرى والقلق الأمني يزداد عمقا في النسيج الوطني والاجتماعي و الأزمات الاقتصادية تزداد تغولا وتزيد من معاناة الناس والطوابير عادت والفقر أعلن نفسه كقوة قاهرة وقاتلة وأصدقاء الأمس من مكونات الثورة أصبحوا أعداء اليوم ونطقت أفواه البنادق بنفير الحرب بينهم.. ومات الناس في عمران وفي الجوف وفي شبوة وفي أبين والضالع وتحركت ماكنة الاغتيالات في حضرموت وفي عدن وفي صنعاء ولم يبق من الوطن إلا أشلاء ممزقة تئن من طغيان أولئك الساسة الذين أصبحوا في طغيانهم يعمهون.
كان أمل الناس في مؤتمر الحوار كبيرا وحين طال الأمد بهم ولم يجدوا حقائق ملموسة تخرجهم مما هم فيه من ضنك العيش وسوء الأحوال رأيناهم يقعون ضحايا اليأس والإحباط ويعيشون حالة نفسية خانقة وضاغطة وقابلة للتفجر في أي وقت وحين فالذين رفعوا شعارات ثورية تلامس هموم الجماهير ومعاناتها خانوا شعاراتهم واستغرقوا أنفسهم في رضاع السلطة ولم يكونوا بديلا حسنا عن الماضي الذي ثاروا عليه ولم تكن تموجات الشارع وصرخاته إلا تعبيرا عن شعور قاهر بهزيمة الواقع وخذلان الجديد الثائر فالنقاء الثوري لم يكن إلا غائبا في جل المسلكيات والتفاعلات في مقابل الحضور الطاغي لعنصر الغنيمة وهو عنصر فاسد ومفسد وقد دلت كل متواليات الأحداث وتسلسلها التاريخي منذ غزوة أحد وحتى اللحظة على عدم صوابية ذلك المسلك ومن يقع في حباله لا يسلم من الخطأ.
وأمام مثل ذلك نجد أنفسنا وجها لوجه مع واقع لا سبيل لنا في الخروج منه إلا بالتفاعل الإيجابي والمثمر مع دعوة الرئيس في الاصطفاف الوطني والضغط الشعبي الجاد من أجل تسريع عجلة الانتقال تبدو بطيئة وبطيئة جدا بسبب الكثير من الأحداث والأزمات التي تحدث بين أطراف العملية السياسية وتعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على إعاقة حركة التسوية السياسية وتقدمها وفق ما هو مرسوم لها.
ثمة قوى سياسية فاعلة تجد نفسها في حالة تعطيل بنود المبادرة الخليجية وثمة قوى أخرى تجد نفسها في حالة تعطيل مخرجات الحوار الوطني وثمة أطراف تجد في طول امد صياغة الدستور متنفسا وايقاعا متسارعا وقديما قيل ما تأخر كان للشيطان فيه عمل ولذلك نتمنى على لجن صياغة الدستور سرعة الانجاز اذ أننا لا نظن أن العمل يحتاج كل ذلك الزمن فالموجهات واضحة ومتوافق عليها في مخرجات الحوار والكثير من الدول أنجزت دستورها في ظرف زمني قياسي وآخر نموذج لنا دولة مصر التي لم تتجاوز الشهرين من الزمن في الانجاز فلماذا نحن يطول بنا الأمد¿ إن حالة التعطيل والفراغ التي تمر بها اليمن لا يمكن لنا الاستمرار فيها ذلك لان استمرارنا يعني التشظي والانقسامات والحروب ونزيف الدم وانهيار الدولة وهو أمر لا نحبذه فحالة الخوف والتربص والتوافق لا يمكنها بناء الدولة ولا يمكنها أن ترسم خارطة خروج من الأزمة ولا يمكنها أن تصنع حدثا انتقاليا أو ثوريا ذي بال مطلقا لذلك فالتعويل الكبير في حركة الانتقال متعلقة بالدستور الجديد للدولة الاتحادية التي تعيد بناء نفسها وفق قيم جديدة وتعيد ترتيب شكل العلاقة بين السلطات وتعمل على تحديث قيم الإنتاج وعلاقاته وأدواته بصورة جماهيرية عادلة لا تغمط فيه حقا ولا تهب فردا من عموم الناس ما لا يستحق تتجاوز اخطاء الماضي وصراعاته وتعمل على إحداث التناغم والانسجام في البناء التشريعي وبما يحد من الصراع أو يخفف من حدته ومن وقعه على مستقبل اليمن.
الطاحونة قد تعود من جديد لتحصد الناس على كل المستويات إن لم نبادر ونعمل على تسريع وتيرة العمل للخروج من عنق الزجاجة وقد يكون الاشتغال على الدستور بجهد مكثف ومضاعف هو السبيل الآمن الذي يمنع رحى الحروب من طحن أرواح الناس ويحفظ لهذا الوطن قيمته وكرامته ومعناه وقد أصبحت الجماهير معنية بالضغط على أرباب السياسة حتى يتجاوزوا مربعات الخوف والتربص إلى مربعات المصلحة الوطنية العلياء.. وطبيعة المراحل القلقة هو الخوف والكبار في الإرادة والمواقف هم وحدهم من يرون في اصطفافهم من أجل الوطن انتصارا لهم وقليل ما هم.

قد يعجبك ايضا