رخص الصوم

عضو البعثة الأزهرية باليمن الشيخ/ مصطفى محمد عبدالمجيد أبو سالم

من خصائص التشريع الإسلامي أنه يراعى حال المكلف من حالة الصحة والمرض والسفر وأنه لا تكليف إلا بما هو في حدود الوسع والطاقة كما قال الله تعالى.. “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” وأنه حيث وجدت المشقة كان التيسير وفقا للقاعدة الفقهية التي تقول: “المشقة تجلب التسيير” وهذه الخصيصة التي اختص بها التشريع الإسلامي ملحوطة وواضحة في كل التكاليف والواجبات التي أوجبها الله تعالى على عباده ومنها فريضة الصيام فالصائم أثناء صومه قد تعتريه بعض المشقة الزائدة التي قد تجعل الصيام أمرا فوق طاقته ولذا رخص الله تعالى للصائم الفطر إذا وجد عذر من الأعذار التي تجعل الصيام أمرا صعبا وشديدا على المسلم فمن الرخص والأعذار المبيحة للفطر مايلي:
المرض: فمن كان مريضا مرضا لا يستطيع معه الصيام رخص الله تعالى له في الفطر وعليه القضاء فعلى سبيل المثال المريض الذي يشق عليه الصيام بسبب إصابته بمرض مزمن أو غيره وثبتت هذه المشقة بالتجربة أو إخبار طبيب ثقة عدل له أن يفطر فإن كان هذا المرض يرجى برؤه فيصوم إذا تماثل للشفاء.
أما إذا كان لا يرجى برؤه فإن على هذا المريض الفطر وإطعام مسكين عن كل يوم من أغلب قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما مقدار نصف صاع أي ما يوازي كيلو ونصف الكيلو جرام تقريبا.
السفر: أيضا من الأعذار التي يرخص للصائم فيها الفطر السفر فمن كان مسافرا سفرا يبيح له قصر الصلاة الرباعية جاز له الفطر ومسافة الفطر 83 كيلو مترا تقريبا ودليل ذلك قوله تعالى “فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر”.
ورخص الله تعالى للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذين لا يستطيعان الصيام لهرمهما وكبر سنهما أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا ومثلهما أيضا من كان مريضا مرضا مزمنا لا يرجى برؤه كمرض الفشل الكلوي لاحتياج المريض إلى الماء والعلاج باستمرار ومثل بعض أنواع مرض السكر ودليل ذلك قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) فالمراد بالذين يطيقونه أي يتحملونه بمشقة شديدة.
كذلك رخص الله تعالى للمرأة الحامل والمرضع إذا خافتا من الصيام على أنفسهما أو على أولا دهما أنهما يفطران وعليهما القضاء.
ومن رخص الصيام أيضا: الترخيص لمن أكل أو شرب ناسيا أن يتم صومه وليس عليه قضاء ولا كفارة لقول النبي عليه الصلاة والسلام: من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه.
كذلك يباح لمن غلبه الجوع والعطش فخاف الهلاك على نفسه أن يفطر وإن كان صحيحا مقيما لقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم” وقوله تعالى “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” لذلك يباح للصائم ابتلاع ريقه المعتاد لعسر الاحتراز منه.
كذلك مما هو معفو عنه في الصيام أن من ذرعة القيء أي غلبه لم يبطل صومه لقوله صلى الله عليه وسلم “من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء عمدا فليقضي.
كذلك يرخص للصائم المضمضة والاستنشاق بشرط عدم المبالغة لقوله صلى الله عليه وسلم: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.
كذلك يباح للصائم أن يصبح جنبا لما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل.
وكذلك يباح للصائم نزول الماء والانغماس فيه وصب الماء على الرأس من شدة الحر لما رواه أبو بكر بن عبدالرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه حدثه فقال: ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر.
وتباح القبلة لمن قدر على ضبط نفسه فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم وكان أملككم لإربه.
ويباح للصائم: الاكتحال والحقنة والقطرة والحجامة.

قد يعجبك ايضا