مشاهد
محمد المساح


غمامة
كان بصره يحفر الأفق وفي الضوء البعيد كان يبدو وجهها مشوشا أشبه بغمامة.. يفور الأمل بالضلوع وكأن الغمامة تسقط بظلها على الأرض فيبرز وجهها حيا أمامه.. عندما أدرك تماما.. أن الظل تجاوزه أيقن أنه في حالة نعاس.. وسقط في نوم عميق. جاءه صوتها في الحلم وحين أصغى تناءى الصوت وما عاد يستبين شيئا ما بين الضوء والغبش بين النوم واليقظة ظل وجهها حضورا طاغيا وثقيلا.. غدت الأشياء ترتعش أمام البصر لا تستقر على حالها تتحول ظلالا وشبه مرئيات اختلط عليه الليل بالنهار والتسبت عليه الأمور فتلبست الحياة أمامه كمهرج يهزأ به دونما داع.. كما كان القلب وادعا.. تكسر كشظايا يا مرآة محطمه.. تضاءل الضياء تدريجيا وعمه تفاؤل كامل وذاب في الزمن وكأنه لم يكن.
ملعقة
كان يرنو إلى الملعقة وهي تعلو ممسكا بها بأصابعه وبلهفة الوصول سقطت الملعقة إلى الأرض عجز الجوع.. داخله على النطق وعاوده الانتباه وقد استقرت في الفراغ ملعقة كان شارد الذهن.
غرفة
فتح الباب وتقدمت رجله اليمنى خطوة تتحسس القاع تبعتها اليسرى خطوة أخرى واليد تتحسس في الجدار عن مفتاح الضوء عادت اليد فارغة في الظلام مرر الخطوات أماما ربما يعثر على مفتاح الضوء في الجدار الآخر.. سقط بكامل جثته في الظلام لم يقدر وهو يسقط أن يلملم أجزاءه فلم يسمع لسقوطه أي دوي أو ضجيج كسقوط ريشه في الفراغ.
مدن
كانوا يخرجون عند الصباح ثم ينتشرون في شوارعها كالنمل تظل الشوارع خلال النهار تمور بهم في أحشائها الأسفلتية والترابية حتى يأتي الليل: تلفظهم من أحشائها مزق مبللة بالعرق والتعب مدوخين مشتتي البال يبحثون عن أبواب الغرف والحوانيت يضعون المفاتيح على الأبواب فلا يجدونها وهم يتحسسون ثقوب الأقفال تدور المفاتيح في الهواء فتلهفهم الدهشة وتطير بهم إلى بحار الليل البعيدة.
