أن يكون الجيش ضامنا لتنفيذ مخرجات الحوار

فتحي الشرماني


المؤسسة العسكرية هي الضامن لتنفيذ المخرجات.. عبارة ترددت على المسامع بكثرة حين كانت جميع القوى المشاركة في الحوار تتهيأ لإعلان البيان الختامي, لكن سأقول اليوم: إن هذه العبارة كانت تحمل مضمونا عاطفيا يعكس الاعتزاز بالمؤسسة العسكرية في قلوب اليمنيين ومكانتها الوطنية ونسيجها الوحدوي المتغلغل في الوجدان .. وما يجري اليوم من أحداث يطرح أهمية أن تتحول هذه العبارة إلى حقيقة واقعة على الأرض نجد معها كل القوى السياسية تتضافر جهودها من أجل تعزيز قدرة المؤسسة العسكرية على أن تكون هي صاحبة المكانة والمهابة التي لا تنشغل بالسياسة ولكن السياسيين يجلونها ويقدرونها حق قدرها, بوصفها المؤسسة الجامعة التي تضطلع بمهمة تأمين حركة العملية السياسية, ومواجهة شبح الأخطار التي تريد إفساد هذه العملية, فضلا عن كون هذه المؤسسة صمام أمان الوطن والمواطن.
قبيل انتهاء مؤتمر الحوار وعقب انتهائه حضرت كثير من الأحداث التي كان بإمكان المؤسسة العسكرية أن تكون فيها حاكما قويا يواجه الجميع بالحقيقة, ويقول للمخطئ: أنت مخطئ, وليس مجرد وسيط لحل الخلاف بين متصارعين .. صحيح أن المؤسسة العسكرية بدت أكثر حكمة ومسؤولية وسموا في التعامل مع هذه الأحداث, ولكن هل نقول: إن تعامل المؤسسة العسكرية كان بأسلوب الأب الذي يحاول أن يصلح بين أبنائه المتخاصمين, وهو في الوقت نفسه يتغاضى عن تمدد نزعة الاستعداء إليه من قöبل ولد طائش يمطر كل من في البيت بوابل من السباب والشتائم¿!
تكمن المشكلة في أن جميع القوى السياسية طيلة العامين الماضيين لم تدعم المؤسسة الدفاعية للقيام بدور مهيمن, وذلك الصمت والحياد السلبي لا الحياد الإيجابي ضاعف تكلفة عودة الجيش ليكون حاميا لكل اليمنيين على السواء, وحاكما على من يخطئ ويعتدي ويتمادى.
بدءا من أحداث دماج وما بعدها لم نكن نغري مؤسستنا بالحرب, ولكننا كنا نقول: إن على جميع القوى السياسية والأطراف المتنافرة أن ترسخ في الواقع ثقافة (الكلمة المسموعة والصوت المهاب للجيش) لأن ترسيخ هذه الثقافة هو تدشين الجيش لمهمته المتمثلة بضمان تنفيذ مخرجات الحوار, ولكن بدا الجميع يهرب مما لا بد منه, وهو أن يصبح الجيش عدوا لمن هو مأزوم نفسيا, وكأن هذا المأزوم لم يكن راضيا حتى بأن يقف الجيش عند مستوى الوساطة ولا عند مستوى الصمت, وإنما يريد محوه هو من الوجود تحت تأثير نزعة كراهية تستحضر عداء سابقا وحروبا مع هذا الجيش, ولم تكن أجواء مؤتمر الحوار ولقاءاته ثم مقرراته كافية لإزالة هذه النزعة, وربما أنها لم تلبö 1% مما هو مطلوب للتعافي, وإذا كان هذا حال هذه القوى مع مقررات الحوار, فكيف سيكون الحال مع المؤسسة الدفاعية الضامنة لتنفيذ هذه المقررات¿ لاشك أن الموقف واحد.
الآن يحضرني التساؤل عن مستقبل مخرجات الحوار بشأن قضية صعدة, لكن الأهم من ذلك أن نتساءل: هل سيتوقف الصراع القائم بين المؤسسة العسكرية وخصومها¿ وهل ستنجح هذه المؤسسة في إقناع خصومها بحقها في التواجد والسيطرة, وإقناعهم بعدم جدوى الصراع وإشعال الحرب فليس فيها غير الخراب والدمار¿! والسؤال الأخير ذو أهمية كبيرة لأن نجاح المؤسسة العسكرية في تحقيق الإيقاف النهائي لهذه الحرب هو طريقها إلى ترجمة ما يريده الجميع منها, وهي أن تكون (الضامن لتنفيذ مخرجات الحوار), ومن معاني هذا الضمان أن تكون هناك إرادة عسكرية واحدة لديها القوة التي لا تنازعها فيها أي جماعة أخرى.
نأمل أن يراجع حساباته كل من يوجه سلاحه إلى صدر الجيش, ويجنح للسلم ويسهم مع بقية القوى السياسية في تنفيذ مخرجات الحوار وحقن دماء اليمنيين, وتمكين المؤسسة العسكرية من أداء مسؤوليتها التي تؤديها مختلف جيوش الأرض, لاسيما أن تكون مؤسستنا الدفاعية في هذه المرحلة هي الضامن لتنفيذ مخرجات الحوار والحصن المنيع الذي يحتمي به اليمنيون.

قد يعجبك ايضا