ترحيل .. تأجيل .. حتى متى¿!
محمد عبدالحليم

إن إيجاد الحلول ووضعها ضمن آلية برامجية محددة الخطوات وزمن التنفيذ للمشاكل التي يعاني منها أي مجتمع هي ضمن مهام الحكومات الرئيسية إلى جانب تسيير أمور البلاد ووضع معالجات مباشرة للأمور الطارئة لما يستجد ووضع الخطط للمستقبل والرقابة على أعضائها والمنتمين للجهاز الإداري الوطني المساعد لها في تنفيذ تلك الآليات والخطط والبرامج.. بكل مستوياته.
وبحسب المفهوم العام السالف الذكر فإن ما يستجد من أحداث أو أمور أو طوارئ ليست إلا عنصرا تاليا للبحث في حلول للمسائل المؤثرة على مستوى الوطن أو ما تسمى بالقضايا المزمنة لأي حكومة في العالم.
وفي بلادنا اليمن الملاحظ – بحسب رأيي – أن الطوارئ من الأمور التي استولت ولا زالت تستولي على معظم العمل ويتم دائما ترحيل البحث عن حلول منطقية وواقعية وفقا للإمكانيات المتاحة من موارد أو تمويلات من وقت لآخر حتى ينتهي عمر الحكومات واحدة بعد أخرى ولم يتم إيجاد الحلول للتخفيف من هموم المواطن الذي تؤرقه عملية استمراره في توفير أسباب للتكيف مع نتائج ترحيل الحكومات المتعاقبة للأهم التي يتأثر بها إضافة لمعاناته الأصلية من تلك الكوارث.
مثلا: الجميع كان ولا زال وسيظل يعلم بأن أهم أولويات المفروض أن يدور كل الوقت والجهد الحكومي للحد منها أولا هي: البطالة والفقر وانعدام الاستقرار الأمني والمعيشي وعدم وجود نظام يدعم الشعور بالسكينة يثق به الناس ناتج عن وجود الكم الهائل للوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح التابعة للحكومة.. كثيرة جدا على الحاجة وتغطي بمسمياتها كل جوانب الحياة.. لكنها منعدمة الأثر في مخرجات عملها المفقود في الغالب أو القليل في البعض منها.
الازدواج الوظيفي وعدم وصول كل ما يحصل للحكومة في كل المحافظات والمديريات وما أنتج من فساد مالي وإداري يتزايد يوما إثر يوم ويضاعف بطلباته المتزايدة مستخدما قوة الدولة ويهدد الرافضين الانصياع لتنفيذ كل ما يفرض عليه بعواقب ونصوص قانونية مرنة في القوانين الرسمية تستخدم تفسيراتها بحسب المتنفذين تعينهم على تمرير اجتهاداتهم تلك أو تفسيرهم للقانون – وإن كان معاكسا لألفاظه ومقاصده – مجاميع نجدها تعمل خدمة لأغراض ما نسميهم الفاسدون.. وفي غياب تام للحساب والعقاب على أي من أولئك المستغلين لوظائفهم الرسمية لتحقيق مصالحهم الشخصية أو الرقابة على أدائهم لأعمالهم.
الأمر أصبح يعود شيئا فشيئا لوضع سابق ساد وأدى في نهاية المطاف لثورة شعبية سلمية في العام 2011م. كل تجده في الحكومة أو أجهزتها ومؤسساتها يشكو – لا زال – من قل الإمكانيات أو الموارد أو عدم تجاوب المواطنين ومن استغلال البعض – بحسبهم – للظروف.. تبريرا لعدم أدائهم لأعمالهم في الوزارات أو غيرها من مواقع السلطة التنفيذية علما أنهم جميعا قبلوا تلك المناصب وهم يعلمون بكل الصعوبات والمعيقات التي يرددونها كل يوم دون سأم أو ملل.. وأسئلة هنا تفرض نفسها من نوع: لماذا قبلوا تلك المناصب وهم لا يستطيعون أن يعملون منها أي شيء¿!
ولماذا لا يعملون فقط أو أقل ما يمكن لتطبيق اللوائح والقوانين الناظمة لوزاراتهم ومؤسساتهم¿!
ألا يستطيعون إلا إطلاق تلك الشكاوي كالعجائز دائما أو فرض الجزاءات والخصومات والإقصاء لهذا أو ذاك من موظفيهم الكثيرين في الكشوفات ولا يستطيعون الاستفادة من إمكاناتهم أو تخصصاتهم¿!
أقل ما يمكن من العمل هو المطلوب رغم الحاجة بحكم الضرورة للكثير من العمل وليس العكس كما هو حاصل حتى الآن.. كثير من التبرير والتخوين والتشكيك والادعاء على الآخرين سواء كانوا حزبا مضادا أو شريكا في النظام تيارات أو مصالح.. أو.. أو.. أو… وإذا عدمت المبررات أو الصعوبات داخليا نجدهم يستغلون مبررات من الجيران أو الاقليم وصولا للساحة العالمية.
إنهم كانوا ولا زال العمل وفقا لنفس الأغراض وبنفس الوسائل.. رغم كل الظروف والأسباب والأحداث والتغيير الحاصل.. لا زالوا مبررارتية بحسب الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم “مغردين خارج السرب”.
ولكن حتى متى سيبقى الحال على ما هو عليه¿! أليس للصبر حدود يميز عاقلا فيهم قرب موعد تجاوز الشعب لحواجزها..¿!