عمران جرح نازف بأثر رجعي
محمد محمد إبراهيم

بصراحة.. لم يعد في مقدور أبناء محافظة عمران تحمل نتائج لا علاقة لهم بها جراء صراع يصفي حساباته السياسية بأثر رجعي.. والغرابة بكل تعقيداتها استمرار الحروب وتمددها في كل مكان ولم تظهر الدولة الضابطة والحامية والراعية بعد.. فما الذي يجري في عمران ..¿ هل ما يجري هو فاتحة صراع وحروب جديدة بعد طي الستة الحروب الأولى في صعدة والتي راح ضحيتها الآلاف من اليمنيين من كل الأطراف ومن كل مديرية وعزلة وقرية¿ أم ما يجري في عمران هو طيش سياسي قبلي طائفي يريد من عمران أن تكون تماسا لحفظ السلام خصوصا تمر بفترة استثنائية فيما عصى البند السابع مرفوعة على كل من سيعرقل التسوية..¿ .. فعلى اليمنيين أن يعوا جيدا أن حب اليمن والوطنية يقتضي إحلال السلام والتعايش.. ¿ لا طلب حفظ السلام من الآخرين.. ¿
التسوية السياسية اليمنية ومخرجات الحوار الوطني الشامل اقتضت الاعتذار عما شهدته صعدة من ستة حروب لتطوي صفحة كانت قاتمة وموجعة للجميع.. ولم يكن أمام أطياف الجمع السياسي اليمني ذلك الاعتذار سواء على مضض من قبل البعض أو نكاية بالبعض الآخر خصوصا وتلك الأطراف قد ظلت تتصارع على حلبة السلطة طيلة العقود الثلاثة الماضية حيث آلت كل نتائج اللعبة السياسية لطرف واحد كانت قوته في ما تفرق من تحالفه بعد تلك العقود.. لتكون ثورة الشباب السلمية في فبراير 2011م بمثابة فسحة لتلك القوى فحولت العاصمة صنعاء إلى عواصم قوى سياسية وعسكرية وقبلية ومقاطعات وتماسات تشتعل بالنيران..
لقد تحملت دولة ما بعد يوم الديمقراطية اليماني فبراير 2012م ودولة ما بعد الحوار الوطني الشامل إعادة إعمار المناطق التي أنهكتها ودمرتها الحروب ومنها صعدة.. ليتساءل العامة والنخب المجتمعية حول ما يجري في عمران.. التي تبدت -بعد كل محاولات القيادة السياسية إطفاء حرائقها- حبلى بمستقبل أكثر ثخنا بالجراحات.. فماذا يريد جماعة أنصار الله من عمران ¿ وفي المقابل ماذا يريد اللقاء المشترك خصوصا التجمع اليمني للإصلاح من هذه المحافظة.. ¿ وهل هناك صراع بينهما أم هناك أطراف أخرى تتصارع تحت غمام الإعلام الكيدي المفتوح..¿ وأين يكمن مربط الصراع .. ¿..
إن هذه الأسئلة التي أشعلت أذهان الناس والمجتمع وأنتجت القلق العام المحلي والإقليمي والدولي على منجز ومسار التسوية السياسية.. تتطلب من كل الأطراف السياسية الضالعة في مسار الصراع الإجابة عليها أمام الناس وأمام وطنيتها.. ليعرف اليمنيون على الأقل ما هو المشروع السياسي السلطوي الذي يتقدم بغموض من بين ركام الصراعات.. في الوقت الذي لم يزل الرئيس عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية رابط الجأش مسرجا كل أسباب الحكمة والصبر .. ليرسل وساطة رئاسية بعد أخرى ليس عجزا وإنما حرصا وحفاظا على كل الأطراف السياسية التي تتصارع في عمران بأثر رجعي وهي مدركة أنها أمضت على وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل..
كثيرون لم يزالوا يعولون على رادع الحكمة لدى كل المتصارعين أن يتعظوا بما يجري في العراق الشقيق.. وأن يثقوا أن من يريد ابتلاع السلطة في اليمن خارج الديمقراطية- وحتى وإن احتال بالديمقراطية لأجل السلطة فقط دون الإيمان بممارستها وأحقية الآخرين لها- لن يستمر فيها وإلا لاستمر من قبلهم بكل إيجابياتهم وسلبياتهم وأخطائهم الإستراتيجية التي تكشفت للجميع..
إن معادلة الواقع السياسي اليمني تؤكد أن ليس للماضي الصراعي العقدي عودة بأدواته الواخزة والقاتلة وأن الدولة -التي لم تخرج بعد عن طور مساعي السلام والحفاظ على الكل – عندها القدرة على بسط يدها على عمران خارج سياق المكونات المتصارعة.. وأعتقد والكثيرون يراهنون على أن عمران مهما جرى فيها لا يمكن أن تصبح تماسا لقوات حفظ سلام.. فمكون أنصار الله والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتجمع الوحدوي الناصري والمؤتمر الشعبي العام وكذلك الأحزاب الأخرى كلها وافقت على وثيقة الحوار الوطني الشامل وتدرك جيدا ألا مفر لأحد مطلقا من ضرورة إحلال السلام اليمني والقيمي الأصيل – بتاريخ عريض من التعايش تحت مظلة الدين الواحد – في عمران وغيرها وأن اليمن في غنى لأي سلام دولي فلسنا أقليات فالديانة والقيم والعرف واحد.. فاتقوا الله في عمران وفي اليمن جميعا..