يفعلون ما يستحي منه إبليس!!

فتحي الشرماني


قمة النذالة وغاية القبح هي خلاصة ما يمكن أن يوصف به ذلك الفعل الرخيص المتمثل بجريمة (تسريب امتحانات الشهادة الثانوية) لهذا العام الدراسي .. إنه سلوك لا يقوم به إلا همج رعاع اعتادوا أن يكيدوا للوطن ويعيقوا سيره ويكبحوا جماحه كلما أراد أن ينهض من عثرته.
الحديث عن مثل هذه الجريمة التي تطال أمننا القومي هو حديث عن شلل فاسدة تغتال شعبا قوامه أكثر من 25 مليون نسمة, وهي عصابات تعيش قمة عنجهيتها وغرورها, فلم تبالö اليوم وهي تفعل ما فعلته بأنها تحبط ما يزيد عن 240 ألف طالب وطالبة من حقهم ومن حق المجتمع كله أن يخوضوا عملية امتحانية مضبوطة في موعدها المحدد والخروج بنتائج صادقة, ولكن هذا حال أي شعب تنخر فيه عصابات الفساد وتمارس فيه ما تريد بدون رادع من ضمير أو خوف من حساب لأن يعلمون أن (الاتصال من فلان) سينقذ الموقف في الأخير ويحل المشكلة, ويخرج المجرم ظافرا منتصرا.
إن اليد التي سرقت الامتحان وسربته هي اليد التي ترتشي لتسرق دفاتر الإجابة وتذهب بها إلى البيت لكتابة الإجابة عليها أو تستبدلها بدفاتر أخرى, وهي نفسها اليد التي تضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط وتهرب المحروقات لتتاجر بها, وهي نفسها اليد التي تتلاعب بكشوفات المنح وكشوفات الأوائل وكشوفات الوظائف, وكشوفات توزيع المعلمين على المدارس…إلخ, هي يد واحدة لتنين اسمه (الإفساد الممنهج لحاضر اليمن ومستقبله منذ زمن), وإن اختلفت الوجوه وتباينت الأهداف الفرعية, فالغاية الكبرى واحدة.
البعض يقول: إن تسريب الامتحان ظاهرة نشهدها كل عام ولكن لا تفوح رائحتها المنتنة كما فاحت في هذه المرة, وآخرون هناك عصابات تفعل من الفظائع ما لا يمكن تصديقه.. ونحن نقول: كل شيء جائز, فكثير من مؤسساتنا منكوبة بشلل تفسد كل شيء لأنها فقدت كل معاني الإنسانية والوطنية والضمير والأمانة, وتصنع ما يمليه عليها مطامعها أو أبالستها.
تخيلوا كم يكون شعور طالب متفوق بالقرف واليأس وهو يجد أن جهده يذهب هباء لأن هناك من يتسرب له الامتحان أو ربما هناك من تعطى له الدرجة التي يريد, ليحصل بموجبها على المنحة التي يريد, وليذهب المجتهدون والنوابغ وأهل الجدارة إلى الجحيم!!.
أولئك الأذكياء من البنات والبنين الذين يقضون أيام العطلة الصيفية في الدراسة وهضم المناهج قبل أن تبدأ الدراسة النظامية, وإذا بدأت تعلموا وازدادوا فهما وهم يتجهزون للمنافسة على أقوى المعدلات ومن ثم مواصلة الدراسة لأخذ الشهادات وخدمة وطنهم .. هؤلاء الأذكياء والعباقرة الذين يخططون للمستقبل بعناية لماذا يحبطون¿ ولماذا هناك من يريد أن يفسد عليهم أحلامهم بجرائم تسريب الامتحانات أو تسهيل عملية الغش, أو ربما إفساد عملية التصحيح¿
هكذا إذن هو مستقبل أجيالنا, فلا يزال تحت رحمة (مغول) العصر الذين يحرقون كل شيء يمرون عليه.
الآن الطلاب في حالة استياء بالغ, وكل الوجوه تتطلع إلى ما سيقوله القضاء بحق من أجرم وعبث وتمادى وأفسد .. وإلا فإن الشباب لا ينبغي أن يسكتوا عن هذه الفعلة النكراء التي كادت لهم, ونالت منهم .. ولا نامت أعين الجبناء.

قد يعجبك ايضا