ينبغيات!!
حسين محمد ناصر

لم تعد البحوث والدراسات التخصصية في شؤون الحكم والمجتمع تحتل حيزا ومكانة واهتماما على صدر صحف ومجلات الوطن باختلاف انتماءاتها الحزبية والمهنية!
لم تعد كذلك في وقت يتطلب تواجدها بكثافة فيه وذلك لما تشكله من أهمية خاصة في ترشيد العقول والاتجاهات والسياسات ووضع الساسة وذوي الاختصاص بقضايا المجتمع أمام الأفكار والمخارج الواقعية المساعدة على التغلب على الصعوبات وحل المشاكل والاختلالات المنتشرة هنا وهناك وتبصيرهم بتداخل قضايا متعددة في إطار معضلة أزمة ما من تلك التي يفرزها الواقع وتطوره أو الأفكار المعاشة وتقف دون استمرارية البناء والانجاز في أكثر من صعيد ومجال.
وفي بلدان كثيرة تشكل تلك الدراسات والبحوث والاستبيانات الدورية مرجعية هامة من مراجع عدة تقوم الحكومات على ضوئها بتجديد وتقييم خططها وبرامجها وتتخذ منها الاتجاهات العامة للخطط المعدلة أو البديلة.
وبالتأكيد فإن ما نقصده هنا بالبحوث والدراسات تلك المستندة إلى قراءة واقعية وعلمية للأوضاع وحركة المجتمع ونشاط الحكومة والغوص في أعماق تجارب عاشها الآخرون وأفضت إلى نتائج ملموسة تختلف سلبا وإيجابا من دولة إلى أخرى ولعل لهذا الغرض عملت الدول والحكومات على تشكيل هيئات ومراكز للبحوث أسست على شروط ومقومات سليمة ثابتة ومن عناصر علمية كفؤة مجردة النوازع والنزاعات السياسية والميول الحزبية تضع التقييم العلمي والمصلحة الوطنية فوق كل مصالح مخلصة الأهداف تسعى إلى تقديم المعالجات لقضايا بلدانها في إطار عمل مسؤول ومستمر لا ينتظر توجيها ولا يغرق في بحر أزمة طارئة تجعله يجري خلفها ويخترع لها حلولا غير مدروسة لا تمت إلى تفاصيلها بصلة!
هناك تقوم المراكز وهيئات الدراسات والبحوث بإصدار دوريات تلامس المصاعب والأحداث تشبعها بحثا وتدقيقا وتقديم خلاصة ناجعة لها تساعد الحاكم على اتخاذ القرارات الصائبة بعد جدول ونقاش وجولات حوار يشترك فيها كبار العلماء في المجالات ذات العلاقة يقوم بها الهيئة في لجانه وبين مستشاريه لا تخضع لرأي ذاتي أو قناعة فردية ولا كتابات سطحية لا تلمس جوهر القضية المثارة أو الهم المطروح للنقاش والجدل.
وفي بلادنا نسمع عن مراكز الدراسات بمسميات مختلفة خاضعة لرؤى واتجاهات معينة وعندما نبحث عن دورية أو مجلة ما تتضمن أهم أنشطة هذه المراكز والبحوث والدراسات التي قام بها ومساهماته في وضع الحلول لهذه الأزمة المعضلة أو تلك الندوات التي قام بها خلال العام عندما نبحث عن كل ذلك لا نجد أثرا أو فعلا يقنعنا أن المراكز تلك تقوم بمهامها وعملها مثلما المراكز الأخرى في العالم.
نعم نعرف ان فلانا يرأس مركزا أو هيئة ولكن ماذا قدمت هذه الهيئة للمجتمع وللري العام لأجهزة الدولة وما هي أوجه صرف موازنته¿! وأي عائد معرفي وعلمي استطاع أن يسهم به في تبديد هذه المشاكل والتخفيف من حدة هذه الأزمة أو تلك فلا أحد يدري!!
في علم النفس والطب النفسي أضحى هناك داء يسمى “ذوي الينبغيات” وهم أولئك الأشخاص من الكتاب أو العلماء أو الساسة أو حتى من الناس العاديين الذين يكثرون في أحاديثهم وكتاباتهم وتصريحاتهم من كلمة “ينبغي” ويتعاملون معهم كحالمين يتجاوزون الواقع المعاش إلى عالم افتراضي آخر لا يستطيعون مواجهة هموم الحياة وقضايا المجتمع بأفكار واقعية وحلول وتجارب عملية فيلجأوا إلى الينبغيات وحتى هذه لا يتم تذييلها وإتباعها برؤى تفصيلية على افتراض حسن النوايا الأمر الذي يجعلنا نناشد أصحاب المراكز بالتقليل من استخدام هذه ينبغي في تصريحاتهم ويبدأون بقراءة الواقع جيدا كي ينتقوا الكلمات المناسبة كمدخل للحلول والمساهمة في تذليل الصعوبات بعيدا عن الغرق في بحور الخيال والأمنيات المثالية والعصامية.
برقية عاجلة
الدكتور عبدالله عوبل وزير الثقافة
الأسبوع الماضي حملني المهندس أحمد سالم عسيري أمانة إيصال مناشدة إليكم من الفنان الشاب “علوي فيصل علوي” يعرض فيها وضعه الصحي الصعب ويأمل بمساعدة الدولة له في الخروج من أزمته المرضية بعد أن ذهب للعلاج إلى أكثر من دولة على حسابه الشخصي ولم يجد العلاج اللازم وذلك لشحة الإمكانيات نرجو الوقوف إلى جانبه ولو من باب الوفاء لوالده الفنان الكبير الفقيد”فيصل علوي”.. مع التحية.