البرازيل في بيوتنا وشوارعنا!!
جميل مفرح

كان سؤالا من فقرتين أو من جزئين الأول ما أخبار كأس العالم¿ وهو الجزء الذي فاجأني بمحسة من الإحراج إذ شعرت معه أنه يسخر من اهتمامي بمتابعة أحداث مونديال البرازيل وتأخري في السهر خارج المنزل إلى أوقات الصباح الباكر وبالتالي تأخري في مواعيد النوم والأكل ولم يخل الجزء الثاني من السؤال من بواعث الفجأة والاستغراب إلا أنه ابتعد بي كثيرا من مواجهة ما تلبسني من إحراج لحظتها وهو يستطرد بالسؤال أيضا وأيحين يلعبوا الجزائر ¿
* ذلك السؤال المزدوج في شقيه تلقيته من والدي ذي الستين عاما وهو يواجهني باهتمام كبير وإنصات متلهف أشعرني وكأنه شخص انقسم مني ليماثل ما لدي من اهتمام لمتابعة أحداث المونديال وطرائفه وغرائبه فضلا عما تسرده مواقعه من مواجهات وتفاصيل كروية إبداعية اجتمع لرسمها وأدائها اثنان وثلاثون منتخبا من أقاصي ودواني الأرض.. عموما كان انتهاء والدي العزيز من تفصيل كلمات السؤال المزدوج الذي طرحه وانقشاع فواعل التلقي المترددة لدي إيذانا لي لأجر نفسا وأبتسم وأسرد له تفاصيل لقاءات اليوم السالف ولأردف إما لقاء الجزائر فسيكون يوم الثلاثاء القادم الساعة السابعة مساء أمام منتخب بلجيكا..
* طبعا لا أنكر ولن أستطيع أن أنكر ما يلقاه المونديال من اهتمام كبير في الشارع الاجتماعي في المدينة والقرية وفي مختلف الأوساط والفئات العمرية لكن أن يصل الأمر إلى والدي ذي الستين عاما ويبدي كل ذلك الاهتمام فذلك ما استوقفني وجعلني أؤمن وأدرك كم نحن بحاجة بالفعل إلى ما يأخذنا من واقعنا المكبل بالأزمات والاحتقانات التي وصل بها الأمر إلى أن تشغل كل تفاصيل حياتنا حتى نكتض بها حد الانفجار والتضايق حتى من ممارسة حياتنا الطبيعية في بعض الأحيان نعم أدركت كم نحن بحاجة إلى أن نقدم للأحداث والظروف بين الفنية والأخرى طلب إجازة وننشغل مليا بما يمكنه أن يخلصنا من ركام واحتشاد الضغوط التي تحفل بها حياتنا بين لحظة وأخرى..
* وعودا على الحدث العالمي مونديال كأس العالم الذي يمثل مهرجانا إنسانيا تحتفل به البشرية وتتبع آثاره وأصداءه تفاصيل الحياة اليومية من حوله أو إزائه فقد كانت حالة والدي الحبيب أطال الله في عمره قياسا جزئيا لمكانة هذا الحدث وأهميته.. ولو دققنا في تفاصيل حياة البشر ليس على مستوى مجتمع ما أو جنسي ما وإنما في كل الأصقاع حول العالم فسنجد بالتأكيد ما يحدثه هذا الحدث الاستثنائي من تغيير ملحوظ حتى في أسلوب الحياة وجدول العيش اليومي كل مجتمع حسب توافقه الزمني مع مواعيد المونديال الذي يقام في أقصى الأرض تتفاعل معه كل الأقاصي وبكل اللغات والثقافات والجنسيات البشرية..
* وعلى ذلك القياس مثلا في غير موعد هذا العرس الدولي يمكن أن تسير في شارع من شوارع العاصمة صنعاء فجرا أو بعد الفجر لتجد الشوارع تسير دفقات من البشر, أما الذاهبون إلى مكان متابعة الحدث أو الإياب منه وفي أي ميقات يمكنك أن تخرج لمنتزه أو بوفية أو ناد لتجد انك لست الوحيد في هذا التوقيت خارج منزلك وتجد من يستقبلك أو تمر في شارع في ذلك التوقيت وتسمع الصرخات تباغتك من باب أو نوافذ هذا المنزل أو ذاك الدكان.. أو تجد الشاشات الضخمة منصبة في الشوارع وحولها العشرات إن لم يكن المئات من المشاهدين والمشغولين حد الالتصاق بسطح تلك الشاشة..
* عموما ما أريد طرحه هنا أن مناسبة المونديال العالمي مساحة مقتطعة جميلة من حياتنا حد أننا نشعر بحاجتنا إليها بشكل دائم ونتمنى لو أنها تمتطي الاستمرار لنشعر بكل تلك الحيوية التي تأخذنا من همومنا وأزماتنا بل ولنشعر أننا جلبنا البرازيل إلى إحيائنا ومنازلنا واستمتعنا بما تقدمه من لذة ومتعة التعايش مع سحر المستديرة على كل أصقاع المستديرة.
في الأخير ادعوكم جميعا إلى أن تجنبوا كل همومكم ولو لفترة مقتطعة ثم بإمكانكم أن تعودوا إليها إذا كنتم مصرون على معايشة الهموم ووطأة الحياة.. ودعوا كل ذلك لبرهة وتعالوا نستمتع معا بجذب البرازيل من ياقتها إلى بين أيدينا وليكن بعد ذلك ما يكون.. تعالوا جميعا ومعكم والدي الكريم هذا المساء لنساند منتخبنا العربي الوحيد منتخب الجزائر وأن من وراء كل الآلاف من الكيلو مترات- حظا سعيدا.