واندلق الكأس

أمين عكاشة

عقب السطر الواحد والخمسين وبعد إحساسي بالفرحة الأخيرة وبعد بذلي مجهودا لا بأس به اقترب ولدي طارق ذو الخمسة أعوام وضع كأس الشاي على منضدتي : – اشرب . لكني لم أعره أدنى اهتمام . -اشرب . وظل يتأملني ويفكر وهو يرضع إصبع إبهامه. اقترب مني أكثر داهمه قلق .. أخرج إصبعه بحنق: – برد الشاي يا أبتي اشرب. إلا أني لا زلت منهمكا في أمري.. دنا مني أكثر.. أكثر .. ازداد فضوله بدأ يرقب مسار عيني وحركة حاجبي .. يتابع.. يتأمل.. يصدر نحنحات.. إيماءات .. حاول أن يصرفني مما أنا منجذب إليه يريد يشعرني بوجوده وبكأس الشاي.. لا جدوى . بحلق فيما أكتب قلدني مثل حركاتي ملامح وجهي وتأكد أني لست معه . انزعج أغضبه انصرافي عنه واهتمامي بغيرهرفع كلتا يديه وأطلق العنان لحنجرته وصرخ بأعلى صوته : – ماذااااااا .. تكتب يا أبتي¿! واندلق كأس الشاي .. غمر ساحات الورقة .. جرف سكناها ومات مائة وتسعون حرفا غرقا عندها تسمرت أعضائي وعجزت عن إنقاذ أحدهم وظللت أتأمل في مأساتي .. فقط اكتفيت بإعلان مكان الكارثة ( منطقة منكوبة!) ظن ولدي أني لن أصحو بعد وعاد ينبهني : – هيه .. أبي أين أنت ¿! اندلق الشاي ماذا تكتب¿ ضغطت أسناني بأسناني زممت على شفتي وأجبته : – أكتب .. أكتب (أكتب قرصة على أذنك) وانصرف طفلي إلى أمه شاكيا باكيا: – أبي لا يحبني أبي يحب الورقة أكثر مني. وعاد يهددني : لن أحدثك بعد اليوم لن أجلس معك لست ابنك ابنتك الورقة . وظل يردد: – والله لن أحضر لك شاي بعد اليوم . هي لحظة فقط ووجدتني أناديه أمازحه واستلطفه: – اعذرني يا ولدي أنا لم أقصد لكنها صيحات سطوري ونداء كلماتي واستغاثة نصي ال .. م ن ك و ب …! 2010م

قد يعجبك ايضا