الحالة المصرية .. شأن عربي أيضا
عباس غالب
الانطباع العام الذي خرجت به وسائل الإعلام العربية والدولية والمراقبون حول نتائج مخرجات الانتخابات الرئاسية المصرية وحفل مراسيم تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي بحضور رؤساء وقادة أكثر من 74 دولة.. هذه الانطباعات اتسمت بقدر كبير من التفاؤل بأن تكون الحالة المصرية إيذانا بانفراج شامل ينسحب على دول المنطقة العربية وبخاصة تلك التي عانت – ولا تزال – من أزمة خانقة وانسداد سياسي وأوضاع شديدة الحساسية والتعقيد والفوضى التي ألقت بظلالها السلبية على مختلف أوجه الحياة في هذه الدول خلال الآونة الأخيرة.
وعلى أية حال فإنه لا يمكن فصل هذه المناخات المتفائلة باستئناف عودة الحياة العربية الاعتيادية إلى طبيعتها.. وبين موقع ومكانة مصر الريادية على مستوى دول المنطقة وذلك بالنظر إلى اعتبارات ما يمثله هذا البلد في الرؤية الجيو – استراتيجية والمخزون الثقافي العروبي والإرث السياسي داخل منظومة شعوب ودول العالم العربي.
ومن هذا المنظار فإن الإشارة التي لا تخلو من دلالة وسط هذه الأجواء تلك الجهود العربية الحثيثة والمكثفة من أجل إيقاف التصدع في جدار الداخل القطري وأهمية وحدة التوافق والائتلاف بين منظومة العمل المشترك.. هذه الجهود والتوجهات دليل عافية وحكمة ينبغي أن تترسخ خلال الفترة المقبلة وبصورة فاعلة تتلافى كل صور القصور والتشتت والقطيعة.
ولا بأس أن أشير في هذا السياق إلى جهود المصالحة المتواصلة التي ترعاها دولة الكويت رئيس القمة العربية الحالية وباقي قادة دول مجلس التعاون الخليجي من أجل نزع فتيل الأزمة الدبلوماسية داخل الأسرة الخليجية التي برزت منذ أشهر بين قطر وبعض دول هذا المجلس ومحاولة إعادة العلاقات بينها إلى سابق عهدها فضلا عن جهود تطبيع العلاقات العربية – العربية وذلك في ضوء المتغيرات والمستجدات التي طرأت على المشهد السياسي وأثرت كثيرا على وحدة واستقرار وأمن دول هذه المنطقة.
لقد بات واضحا أن الظروف المريرة التي مرت بها دول ثورات الربيع العربي خلال السنوات الثلاث الماضية قد رتبت الأعباء كبيرة انعكست على غياب تلمس المعالجات الموضوعية بالمشكلات والتحديات التي تواجهها الأمة بشكل عام في أبعادها المتعددة بل أتاحت فرصة أمام قوى إقليمية متربصة باستقرار وتطور مقومات الأمة لأن تتسلل إلى داخل النسيج العربي وتعمل جاهدة على تفتيت قدراتها البشرية والمادية وسعي هذه القوى المحموم لتحويل هدف الدول العربية الاستراتيجي نحو المستقبل إلى متاهات الاقتتال الداخلي وتوجيه مسارات التغيير الطموحة إلى منزلقات الضياع وبحيث لا تقوى الأمة بعدها على الوقوف أمام تحديات الحاضر واستحقاقات المستقبل.
الآمال المعقودة أن تكون الحالة المصرية – بعد التفاؤل – كبيرة إثر الانتخابات الأخيرة ميلادا جديدا لحالة نهوض شامل لا تقتصر امتداداته فقط على مصر وحدها وإنما تشمل دول العالم العربي ككل.