صناع الكراهية!!
خالد القارني
إن الذين ينحتون بيوتا من الكراهية هم أولئك الذين يظهرون على شاشة التلفزة وفي بقية الوسائل الإعلامية يخيطون الأكاذيب ويفبركون الحقائق أو الذين يقطعون مئات الكيلومترات بآلات القتل يقتلون أبرياء لا ذنب لهم ويسعون في الأرض فسادا أو الذين يدسون سموم الموت في الطعام أو الذين يصفون حساباتهم بقتل الناس جميعا أو الذين هم ظماء الى اكتساب المزيد من المكاسب السياسية غير المشروعة على حساب تدمير مدن وقتل سكان بمئات الآلاف أو تجار الحروب الذين لا مهنة لهم سوى سفك الدماء وتقطيع لحوم اليمنيين مقابل دراهم معدودة وبنادق مسروقة.
اليس كل ذلك يعد تجاوزات ضد الإسلام والمسلمين واليمنيين ويتنافى جملة وتفصيلا مع العمل الإعلامي الحرفي المسؤول والملتزم وقدسية التعايش والتسامح والاحترام المتبادل بين الناس. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: لصالح من مثل هذه الاستفزازات والتصرفات غير المسؤولة¿.
إن هكذا نوع من الأخلاقيات والسلوكيات تمارس تحت عباءة الإسلام او تحت غطاء “القرآن” قد جعلنا كمسلمين نقدم بأنفسنا وبسوء عقولنا وأعمالنا برهانا ودليلا للحاقدين على الإسلام في قولهم” إن الإسلام خطر على وجود البشرية” أو الذين يصفون كتاب الله بأنه “عمى” عميت أبصارهم.
لا نبالغ إذا قلنا اليوم إن المسلمين وبالذات العرب صاروا خطرا على الإسلام اكثر من غيرهم إن الأعداء الحقيقيين للإسلام هم بعض من أبناء جلدتنا أكثر ممن هم في خارجه لقد اختزلنا الدين في العبادات فمن صلى وصام فقد رفع عنه القلم وليأتي ما شاء بعد ذلك ينسى كثيرا منا أن جميع الأديان السماوية تقول إن اصل الدين المعاملة” الدين المعاملة” والإسلام في جوهره فقهان” عبادة ومعاملة” إنه منظومة متكاملة لا يصلح إلا بأخذه منظومة واحدة غير قابل لتجزئة على الاطلاق لأنه عندما يقوم البعض بمحاولة تجزئته فإنه يقدم الإسلام مشوها ومتناقضا.
عموما لا أريد أن أضع نفسي في هذا الموضوع واعظا وإنما استدعى الذهاب الى ذلك الضرورة ونعود الى موضوعنا ونقول للأخوة صناع الكراهية: أنتم “بتعملوا ايه” بلهجة المصرية مهما بلغت مقتضياتكم السياسية أو مبرراتكم الذاتية لا يمكن أن تجعلوا اليمن بهذه الصورة التي يبدو عليها اليوم. يتوهم البعض ان في ظل هذا الوضع يحقق مبتغاه ولكننا على يقين ان ذلك لن يحقق لأحد شيء سيجدون ما يروه يقينا اليوم سرابا بعد ما بذلوا في سبيل الوصول اليه الغالي والنفيس. إنكم لا تدرون أنكم تنحتون مصائر لن تسر احدا وسيندم الجميع إلا “الحق” فانه هو الوارث الوحيد للباطل.
هذه التصرفات ما هي الأهداف من ورائها¿ وماذا ستضيفه لخدمة الإنسانية هذه التصرفات تعمق الفوارق والتضليل والتشويه وسوء التفاهم وانعدام الحوار وانتشار الصور النمطية التي تفرز ثقافة الحقد والكراهية والبغضاء والعنصرية والجهل بدلا من نشر ثقافة التفاهم والتسامح والتقريب بين وجهات النظر.
إن الكراهية آلة عمياء تقتل كل شيء يصادفها إنها سلاح التدمير الشامل المحرم دوليا بعد ان حرمت سماويا اإه سلاح الضعفاء العاجزوين على مواجهة أنفسهم قبل الغير بحقيقة أنفسهم وصحة أفعالهم واختياراتهم. إن هذا السلاح لا يقتصر على قتل وحرق جيل أو جيلين انه سلاح سيقتل اجيالا تلو اجيال إن من يستخدمه اليوم يظل يدفع ثمنه وهو حي ثم وهو ميت لأنه أورثها لأولاده واحفاده من بعده فيظل سوء عمله يلاحقه الى يوم الدين.
نصيحة واعظ اليوم بإمكاننا أن نحقق اهدافنا بأفضل الوسائل وأحسنها أمامنا ألف خيار وخيار شرط ان ننسى الماضي السيئ شرط السمو فوق الجراح شرط تجاوز الانتماءات الشريرة التي نشنق بها عناقنا دون أن ندري شرط ان نأخذ أجمل ما عند غيرنا من التجارب الناجحة شرط أن نؤمن أن العلم والمعرفة ها السبيل لحياة كريمة لأجيالنا القادمة التي يجب ان يفكر في مستقبلها كل إب وأم كل من بلغ الأربعين يجب ألا يفكر بسعادته لأن وقته ازف وعليه ان يفكر بسعادة اطفاله فما بالنا بمن بلغ “السبعين والمئة السنة منا” ماذا يجب عليه ان يفعل¿! سؤال نتركه لضميره ان يجيب عليه.