فلاشات.. وعقال سوق.!.
د.صادق القاضي
سياسي بلا ثقافة عاقل سوق ومثقف بلا سياسة فلاش ميموري ظواهر العقم والفشل السائدة في المشهدين السياسي والثقافي في اليمن هي الضريبة الطبيعية لإزاحة السياسي المثقف والمثقف السياسي عن أدوارهما الفعلية ما أنتج مثقفا بلا رؤية وسياسيا بلا عقل وترك المسرح لعقال السوق والفلاشات.! تبعا لذلك عزف كثير من المثقفين عن الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو هاجروا عن أحزابهم ما أدى إلى إفراغ الأحزاب السياسية من مخصبات الوعي ومحفزات التجديد المشكلة حقيقية خطرة وتكمن جزئيا في أسباب ذاتية للمثقفين أنفسهم لكن الجزء الأكبر منها كامن في الأحزاب السياسية الراهنة. الأحزاب السياسية في اليمن محكومة بقوى وقيادات تقليدية راديكالية تتحسس بشكل مفرط من مظاهر الثقافة والحرية وبوادر النقد الذاتي وتشكل قوة طاردة مركزية للكوادر الشابة المتطلعة للتجديد والإصلاح الداخلي ولأنها لا تؤمن بالوعي والممارسة الديمقراطية لا تسمح لها بالنفاذ والتغلغل بين أفرادها وهياكلها التنظيمية.!! وكلما توسعت آفاق العضو وتطلعاته الفكرية والسياسية كلما ضاق الخناق عليه كعضو هامشي أو تعرض للتهميش والإقصاء والإحراق كعضو غير مرغوب فيه الأمر الذي يضطره إلى أن ينزع الثياب التي أصبحت ضيقة عليه ويخرج من الشرنقة ويشب عن الطوق ويلتحق بسرب الطيور المهاجرة عن الأرض اليباب. الحزب اليمني قبيلة أو شلة أو لوبي أو خيال ماتا.. وحين تصبح رموزه وقيادته التاريخية جزءا من مقدساته وتابوهاته.. يصبح النقد زندقة وفسقا ومؤامرة وخيانة وطنية.. وهي مفردات وردت كثيرا في سياق ردود الأفعال الإعلامية على رؤى نقدية بناءة أطلقها بعض الغيورين على أحزابهم واستهدفت تطوير الأداء السياسي وترشيد الخطاب الفكري لتلك الأحزاب الغارقة في الطوباوية والتخلف وأغلال الأبوية الصارمة.. بالتأكيد لا أنصح الأعضاء التنويرين بالاستقالة من أحزابهم بالعكس إصرار المستنيرين والمثقفين على البقاء في أحزابهم لتحديثها وتجديدها من الداخل مهمة وطنية وشرف سياسي ومحل معاناة ومثار إعجاب فالذين استقالوا من أحزابهم أنقذوا أنفسهم من عاهات تلك الأحزاب لكنهم لم ينقذوا تلك الأحزاب من عاهاتها المزمنة. إن هجرة العقول من البيئات الاستبدادية الضاغطة ظاهرة مشهودة على مستوى العالم الثالث وتندد بها الأحزاب السياسية متجاهلة أسبابها ودوافعها التي تتوفر فيها بشكل استثنائي ما جعلها وبدرجات متفاوتة بيئات طاردة للإبداع والفكر والحرية من الطراز الأول ليخلو الجو للحرس التقليدي والمحاربين القدامى.! …