مناضلون وشهداء

حسين محمد ناصر


في تاريخ كل الثورات تبرز في أنصع الصفحات وأغلى التضحيات أسماء كوكبة عظيمة من الناس تميزت بالإيثار والشجاعة وتمردت على الذات والمصالح الشخصية وجعلت تصب عينيها هدفا كبيرا استرخصت أرواحها من أجل تحقيقه ومن أجل أن يطل بنوره ويعم سماء الأرض الحبيبة التي عاشوا في أحضانها منحتهم الحب والهوية فمنحوها حياتهم وأحرموا أنفسهم التمتع بالحياة كما يفعل الآخرون.
إنهم الشهداء العظام في كل مراحل الوطن.. شهداء التحرير وإسقاط الحكم الإمامي الكهنوتي في الشمال والاستعمار البريطاني وركائزه في الجنوب.. إنهم الأماجد الكرام الذين يستحقون دوما التنويه ببطولاتهم ومآثرهم في كل مناسبة تحتفل بها الدولة والشعب وتعريف الأجيال بما اجترحوه من مآثر وملاحم أثناء فترة التحرير وخلال مراحل النضال الوطني لبناء أسس دولة جديدة لا يزال الشعب حتى اليوم ينتظر الكمال ذلك البناء وإرساء العلاقات الجديدة على أنقاض علاقات وعادات وتقاليد موغلة في التخلف كان الفقر والمرض والجهل أبرز عناوينها والاستغلال والتعسف والاستعباد أساليب نهجها وقيمها على كل صعيد ومجال في الحياة العامة ومفاصل المجتمع.
كان شهداء الوطن مؤمنين تماما بالقضية التي سقطوا من أجلها والآمال المنشودة للشعب وطموحات أبنائهم وإخوانهم وآبائهم في العيش في ظل حياة سعيدة.. ووضع آمن مستقر.. ومستوى معيشي أفضل مما كان سائدا في حياتهم.
كانوا يحلمون بدولة ترفرف عليها رايات الحب والعدل والمساواة.. لا يهمش فيها أحد ولا يموت جوعا ولا يشرد ولا يوجه أحد سلاحه ضد الآخر تحت أي مبرر وظرف كان.
ماتوا.. استشهدوا لغايات نبيلة كادت أن تنسى وتغيب عن أذهان ساسة البلد اليوم, وأضحى بينها وبينهم سد منيع من المحبطات والكوابح والممارسات المضادة لها وقبل هذا وذاك غياب الإرادة السياسية القادرة على إعادة ثقة الشعب بما يقال ويردد في الإعلام والنشرات.
إن غياب الاهتمام بأسر الشهداء والمناضلين لا يشجع الآخرين على اجتراح المزيد من المآثر البطولية كأولئك الأبطال الأحرار ولا يدفع بأحد لأن يتغنى بحب الأرض ويدفع حياته ثمنا لأمنها واستقرارها بنفس الاندفاع والإقدام الذي جسده الثوار الأماجد بالأمس.
إن المزيد من الرعاية والعناية بأسر الشهداء وطابور المناضلين مهم للغاية خاصة في هذه الفترة التي يعيشها الوطن ويجب على دائرة المناضلين والشهداء أن تفعل دورها وتعزز من وجودها خدمة لمن أنشئت من أجلهم.. وتقدم المقترحات الدورية لقيادة الحكومة والدولة الهادفة للنهوض بأوضاعهم المعيشية وتوفير فرص عمل لأبنائهم ومنحهم الأولوية في الدراسات العليا ولا ينبغي مساواة هذه الأسر الكريمة بأسر المجتمع الأخرى .. ذلك تقديرا لتضحيات الشهداء .. وإجلالا لدورهم النبيل .. واعترافا بفضلهم ومكانتهم المتميزة .. وتحفيزا لكل أبناء الوطن لأن يغدو مثلهم أمناء على الأرض .. أوفياء للشعب .. يدافعون ببسالة عن المنجزات والمكاسب والقيم النبيلة .. ويبذلون الأرواح والدماء في سبيل انتصار المبادئ والاتجاه الأمثل لبناء وطن جديد متطور يتسع لكل أبنائه في إطار دولة اتحادية قوية.
إن الواجب على تلك الدائرة تجسيد الدور المناط بها وكسر حالة الجمود والانعزال التي تعيشها وتعمل على تنفيذ وثائقها المرتبة بأوضاع أسر الشهداء والمناضلين وتقدم لهم إنجازات يلمسونها في حياتهم الخاصة والعامة خاصة وأن الكثير من تلك الأسر تعيش أوضاعا صعبة واختارت الصعب على المناشدة والاستجداء المذل.

قد يعجبك ايضا