الخليج وهدي النبوة

أحمد الشرعبي

 - ما يزال ممكنا إحالة المشترك على الطبيعة إلى حقول معروشة بالثقة عامرة بالدفء والحيوية والقوة.. كما نستقرئ ذلك من الموقف الإيجابي للمملكة تجاه الإجراءات العقابية
ما يزال ممكنا إحالة المشترك على الطبيعة إلى حقول معروشة بالثقة عامرة بالدفء والحيوية والقوة.. كما نستقرئ ذلك من الموقف الإيجابي للمملكة تجاه الإجراءات العقابية في حق عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين المحظور عودهم إلى سوق العمل هناك.
لم أسأل أحدا رأيه تجاه قرار سمو الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية ذاك أن المواقف الأخوية النبيلة لا يعوزها السؤال..
القرار أعاد الأمور إلى نصابها ولم ير غضاضة من تصويب الإجراءات المتخذة في حق المغتربين اليمنيين المدرجين على قوائم المغادرة النهائية ما عرف لأحقاب نظام البصمة..
سيان قل المستفيدون من القرار أم كثروا فإن هجرة الإنسان لوطنه ليست علامة رخاء يحتفى بها ولا تعد خاصية إنسانية يتعين الحرص عليها أو المطالبة باستدامتها لكنها نتاج عوامل اضطرارية قاهرة ومحصلة مناخ طارد يسترعيان نمطا آخر من أطوار البحث وإلا صار التركيز على العرض مؤشر رضا مزدوجا من قيادتي البلدين على بقاء الجوهر كما هو دون معالجات جادة وحلول موضوعية ناجعة الأمر الذي لا تتوقف آثاره على معضلات منظورة تثير القلق قدر ما يضع في الحسبان نشوء مهددات أخرى في الطور الجيني غير المنظور.
لعلي أسرفت في تناول مسار العلاقات اليمنية -السعودية واليمنية- الخليجية منتهزا رحابة “الوطن” وأفقها المنفتح على الرأي وكدت لكثرة الطرق أفقد الرجاء من جدوى الكتابة في هذا المضمار لولا الاستجابة الخليجية لتناولة نقدية حول غياب التمثيل الدبلوماسي لمجلس التعاون في اليمن وفيما عدا ذلك ظل الشعور بانعدام الجدوى يعمل معوله في التثبيط وإخماد بواعث الشجن.
السلطات السعودية أولى بتقدير الإجراءات والتدابير الملائمة بحماية أمنها الداخلي وتطبيق قوانينها النافذة تماما كما هو حق اليمن عمل الشيء ذاته دون منازع وتلك بدهيات مفروغ منها غير أن أيا من قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين لا يملك القدرة على تعديل قوانين السماء أو تبديل وشائج الجغرافيا تحقيقا لكينونة مختلفة..
من الإنصاف الإشادة بقرار الوزير السعودي والمزعج أن تعني حكومة أو تشتغل على تأمين منافي اضطرارية لاستيعاب مخرجات فشلها في إشاعة الرفاهية والرغد بين مواطنيها.
من حق الشعوب الحصول على حكم رشيد وحكومات كفؤة وسياسات اقتصادية واجتماعية وتربوية طموحة ومتى تعذر ذلك أصبح اضطرار الناس لمغادرة أوطانهم لجوءا إنسانيا لا اغترابا اختياريا تمليه رغبات التشبع وجاذبية الوفرة في مكان ما غير مساقط رؤوسهم.
كلما ارتفع منسوب النزوح كلما دل ذلك على أوضاع غير طبيعية وساسة غير أسوياء ونظم حكم تفتقر للرشد وتعتاش على فطائر الفوضى.
أما حين ننتزع ظاهرة النزوح المشروع أو الممنوع من سياقها العام أو اجتزاءها من جذرها الكلي فإننا بذلك لا نعين على وقف الأسباب قدر تغذية مصادرها وإضافة المزيد من الحساسيات المتوارية خلف ضلوع الفارين من أغبان الداخل إلى سعير الإجراءات الأمنية في المراكز المتخصصة برصد محاولات التسلل غير المشروع.
وبطبيعة الحال فإن الفارق الكبير بين الهجرة المشروعة والتسلل الممنوع لا يلغي حقيقة كون الأمرين يمتحان من ذات المنابع الطاردة.. ومع استمرار مناخات كهذه تجد الأنشطة السيئة وأوكار الجريمة فرصتها لتلويث الضحايا وإثارة الشبهات حول المغلوب على أمرهم لتحل المسألة الأمنية محل الرؤية الإستراتيجية المفترض انتهاجها وصولا نحو علاقات موضوعية تترجم دور النظم السياسية الحاكمة في إخصاب المصالح المشتركة لشعوب الجزيرة دون الحاجة لوسائط ثانوية ترتهن التحديات العامة لمصالحها الذاتية الصغيرة.
استدعت أحداث العام 2011م وتداعياتها العاصفة تدخل الأشقاء عبر وثيقة حملت اسم (المبادرة الخليجية) لحقتها مصفوفة إجراءات توافق أطراف الصراع وأصدقاء اليمن على تسميتها (الآلية التنفيذية للمبادرة) وبناء عليهما شكلت حكومة وفاق بين ذات القوى المسكونة بعاهات التأزيم والتأزم وأحيلت الكثير من العثرات على ذمة الحوار الوطني وخلال هذه المحطات اختار الأشقاء حركة الأصابع على مواقف الشريك الواضح الجاد الغيور وإزاء ذلك صعد الجانب الأممي والدول الصديقة (الراعية) إلى واجهة المسرح ليكون على أبناء الشعب اليمني وقطاعات عريضة من الحالمين بتغيير إيجابي تسنده دول الجوار. التأمل في تطلعاتهم مكتوبة بلغة (الخواجا) لتتبارى أطراف الصراع على ترجمتها كل بمستوى إتقانه غير العربية!!
لم يدرك المبادرون الحقيقيون أن جزءا من ضحايا الانكسار رهن خيارات يائسة ولا أن بعضهم سوف ينضم لطوفان الهجرة الاضطرارية أو التسلل..
أمضى اليمنيون ق

قد يعجبك ايضا