الإصلاح في الوطن العربي والبوصلة الدستورية
حسن أحمد اللوزي
عندما عجزت الانظمة العربية عن اكتساب الأهلية الكاملة لاقتحام حياة العصر ومن ذات نفسها وبمحض اختيارها بالوثبات الإصلاحية الملحة والمهمة في بنية نظامها السياسي العتيق والمتهالك واصلاح شأنها القطري والإقليمي وصولا الى الغايات المثلى نحو بناء نظام عربي جديد جاءت الإملاءات وانسابت التأثيرات الخارجية الصديقة قبل الشقيقة في صور عديدة من التدخلات المباشرة وغير المباشرة وأدت إلى نتائج مدمرة في بعض الأقطار العربية وكما بقيت بعض الاقطار عالة على اكتساب المظاهر الاستهلاكية وظلت الأخرى في أسر التخلف والرسوب فضلا عن الذهول أمام مصيدة الوقوع في جيوب التبعية غير المرضي عنها وغير الملبية لأدنى متطلبات الاستجابة للمشاريع المتداولة للإصلاحات في الوطن العربي ولبناء مقومات الذات والسير في طريق النهوض والاعتماد على النفس!!فضلا عن إقامة النظام العربي الجديد والذي كان في الواجهة الأولى لسياسات كافة الدول العربية خلال القرن المنصرم وبلبوسات متعددة ثورية وإصلاحية ومحافظة الخ
وواضح في هذا الصدد أن جرثومة الفوضى البناءة في دورتها المستمرة على رقعة الشطرنج العربية قد بلغت المدى الخطير والمدمر على المساحات التي دارت فيها والملفت انها أخذت صورة الحرب الأهلية داخل بعض المجتمعات وبينها وبين الدولة ومؤسساتها وسلطاتها ولأهداف معادية للأنظمة العربية القائمة ولصالح فكرة الشرق الاوسط الجديد.!
وقد ظهر بصورة أجلى اليوم من خلف الأبواب المواربة والمسدودة وواقع الأوضاع المتخلفة والمتردية والوقوف على حافة الهاوية بأنه لا مناص مطلقا أمام الأمة العربية من إقامة النظام العربي الجديد على قاعده النسيج الماثل اليوم في الكيانات الملكية والجمهورية والتي هي قاعده الانطلاق الأساسية التي يتم البناء عليها هو الاختيار العقلاني المتاح وإن لم تنقرض بعد مرحلة تصدير الثورات والمذاهب وتمديد لحاف الاحتواء الطائفي أو المناطقي للأسف الشديد ولتحكم الفكر المتخلف البليد!
ومن هنا ومن معطيات اللحظة التاريخية المعيشة في الوطن العربي يرى العقلاء من ابناء هذه الامة الحية حتمية القيام من قبل الأقطار العربية المقتدرة بأدوار طليعية وإنقاذية في مواجهة الأزمات العميقة والمثبطة التي تخنق الأمة العربية وتكاد تتلف وجودها ويتطلعون بأن تقوم المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية بهذا الدور وقد جمعتهما اللحظة التاريخية الفاصلة اليوم لذلك وباعتبارهما يمثلان وجهي النظام العربي القائم وعناصر قوته الأساسية وفعالياته المرئية في المشهد المتحرك ببطء والذي يجب أن يأخذ حركته الفاصلة الكبرى والقصوى في كل الإتجاهات !!
فكلاهما مهيأ للدور المنشود للقيادة التوفيقية المقبولة والمأمولة والتي تتطلع اليها الأمة العربية والإسلامية في المضمار القومي الإسلامي وبأهلية كاملة لا تحتاج إلى أي نوع من الدعاية والتحضير لأن النفوس متطلعة إلى مثل هذا السبيل من الوثوب العقلاني والخلاص المنتظر !ولكن ما هو المطلوب غير الثقة بالذات العربية المؤمنة وبالمقدرات القيمية والحضارية والمادية والإنسانية والمالية المتوفرة ¿¿
هذا سؤال وارد ولكنه مغرق في المادية التي لا تعني سوى التكاليف في الاسواق ونظام العرض والطلب التي هي أبعد ما تكون صلة بالجوهري عقيديا وفكريا وحضاريا لأن المطلوب هو الإيمان بأن التقدم نحو الافضل والاصلاح أمر متاح لكل فرد ومجتمع ولكل شعب وأمة بفضل الإرادة الناجحة أو المشتعلة لتحقيق الوثبة الإصلاحية المنشودة وقد صار الطريق إلى ذلك ممهدا وسهلا ولا يحتاج الى اي ثمن سوى التغلب على الكوابح ومعالجه الأمراض الاجتماعية المستوطنة والمواجهة الجماعية الصادقة لتركة التخلف وثالوث الجهل والفقر والمرض والانعدام الشامل للتنمية البشرية والعمل على التبني العقلاني لوثبات دستوريه في كافه الدول المعنية للاستفادة من التوجهات الحضارية والإنجازات البشرية التي نحن أحق بها بدون شوفينية أو شعوبية !!
ومع ذلك فإن التغيير الذي تنشده الأمة العربية وتسعى من أجله جاهدة العديد من شعوبها من زمن طويل لا يجوز أن يقوم على فكرة الارتماء لاملاءات خارجيه او يبنى على تصورات تستهدف إرضاء مجموعة الدول المتقدمة أو المهيمنة على بعض المصائر أو الولايات المتحدة الاميركية أو دول الاتحاد الأوروبي أو مجموعة أصدقاء دولة ما بعينها فذلك امر مشين لا ينسجم مع إرادة الشعوب الحرة والامم الأبية التي تمتلك بيدها وإرادتها امر تقرير مصيرها وصنع وجودها واحتلال مكانتها!.
إن الهدف الجوهري والغاية الاستراتيجية هو الخضوع لإرادة الامة العربية والامتثال لتطلعات الشعوب العربية في حياة إنسانية افضل ووجود أكرم وشراكة فاعلة في إبداع المصير الإنساني الحضاري المتجدد!
فلا يمكن أن تقوم أية اصلاحات سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية بدون البوصلة الدستورية والوثبات التشري