أهمية برامج التوعية الثقافية في حماية الشباب والمجتمع ودعم التنمية

غالب حسن البحري

مقالة


مفهوم التنمية لا يقتصر على تنفيذ المشاريع الإنتاجية والخدمية بل يهتم كثيرا ببرامج التوعية الثقافية والسكانية التي تركز على تنمية وعي الإنسان باعتباره غاية التنمية ووسيلتها ويتحمل مسؤولية المشاركة في مواجهة التحديات ونجاح برامج التنمية على مستوى الوحدة الإدارية وعلى المستوى الوطني وقد أدى غياب الاهتمام بهذا النوع من البرامج إلى ضعف اهتمام السكان بسياسة الدولة وتوجهاتها بل أدى ذلك في غالب الأحيان إلى إضعاف ثقة المواطن بالدولة وهذا الضعف يساهم فيه موظف الدولة الذي يمثلها ويقوم بتنفيذ سياستها تجاه المجتمع فإذا كان سلوكه ضعيفا في وسط المجتمع الذي يعمل فيه فإنه يعكس نفسه سلبا على الدولة وهيبتها والعكس إذا كان سلوكه جيدا فإنه يفرض هيبة الدولة وقوتها واحترام المواطن لها ولسياستها الاقتصادية والاجتماعية .
وتشير مؤشرات الأداء الإداري والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لحالة اليمن أن المجتمع اليمني بحاجة ماسة إلى برامج التوعية الثقافية والسكانية وخاصة في ظل عصر العولمة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وذلك بهدف تعريف أفراد المجتمع بالمخاطر والتحديات التي تواجه البلاد على المستويين المحلي والخارجي وتحصينهم من أي اختراقات تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتهدد وحدة المجتمع اليمني .
فالدولة ومن خلال مؤسساتها التي تغطي جميع محافظات ومديريات الجمهورية ويعمل فيها أكثر من خمسمائة ألف موظف قادرين على القيام بمهمة التوعية دون أن يكلف الدولة أي أعباء إضافية وإنما الأمر يتطلب إلى قرار سياسي ملزم لجميع أجهزة الدولة في السلطتين المركزية والمحلية ومن خلال الوزارات وفروعها في المحافظات والمديريات وبحسب اختصاص ومهام كل جهة بالنزول الميداني على مستوى المديريات والعزل والقرى وعقد اللقاءات والاجتماعات مع المواطنين ومناقشة أوضاعهم وربطها بأوضاع البلاد بشكل عام وأوضاع الوحدة الإدارية بشكل خاص وإشعارهم بأهمية دورهم في بناء المجتمع وتنفيذ المشاريع والحفاظ عليها وصيانتها لأننا ومن خلال الواقع وجدنا الكثير من المشاريع التي نفذتها الدولة في المجالات الخدمية والإنتاجية لا تحظى باهتمام المستفيدين من حيث التشغيل والصيانة بل يعتقد معظمهم أن هذا من اختصاص الدولة وليس من اختصاصهم وهذا الاعتقاد الخاطئ يبين الخلل في أداء الوظيفة العامة للدولة والتي تجاهلت توعية المواطنين وإشراكهم في عملية التنمية والحفاظ على برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى أمن واستقرار المجتمع.
إن المفهوم الحديث لدور الوظيفة العامة للدولة أصبح يعتمد على العلم والمعرفة الثقافية في إدارة الدولة للمجتمع والنهوض به من خلال التواصل المباشر مع المستفيدين وإشراكهم في جميع الأنشطة والفعاليات وتحديد دور كل واحد منهم وبمعنى آخر خلق علاقة عمل وشراكة بين المجتمع والدولة وتفعيل قناة التواصل بينهما لتعميق العلاقة مع أفراد المجتمع وتعريفهم بكل القضايا التي تهم المواطن والدولة وتحقق الأمن والاستقرار وهذا التفاعل لا شك سيشكل حلقة مترابطة لتنفيذ سياسة الدولة وتبادل المعلومات من القمة إلى القاعدة والعكس من القاعدة إلى القمة وبهذه الآلية تستطيع الدولة أن تعمل على حماية الشباب والمجتمع من الدعاية المغرضة التي كثيرا ما تستغل غياب دور الدولة التوعوي في أوساط المجتمع وتعمل على إثارة الفتن والصراع داخل أبناء المجتمع الواحد.
وقد أظهرت معظم الدراسات أن ضعف الإدارة في الأجهزة الحكومية يرجع إلى ضعف من يتحمل مسئولية هذه الإدارة والذي ما زال يتعامل بالعقلية التقليدية في إدارة الدولة وحل الخلافات بعيدا عن جوانب التوعية الثقافية لأفراد المجتمع وحشد طاقاتهم للمساهمة في بناء المجتمع وحمايته من الأيادي التي تعبث بمصالح الأمة.
ومن المسلم به أن عملية تفعيل أجهزة الدولة لا تأتي من نفسها بل تحتاج إلى إصدار التوجيهات الملزمة باعتماد برامج التوعية الثقافية ضمن برامج وخطط الجهات الحكومية والقطاعين العام والمختلط والخاص ومنظمات المجتمع المدني والتي تركز على توعية المجتمع وإشراكه في جميع الفعاليات والبرامج التي تقوم بتنفيذها الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
إن برامج التوعية الثقافية والسكانية لا تقل أهمية عن برامج التنمية المادية والتي تلعب دورا كبيرا في توجيه المجتمع وحمايته من مظاهر الانحراف وخلق وعي اجتماعي مبني على التعاون والشراكة بين أفراد المجتمع وتحسيسهم بمسؤولياتهم تجاه الدولة والمجتمع وتحويلهم من الموقف المتفرج واللامبالاة إلى موقف الشراكة والتفاعل والمسؤولية أمام التحديات التي تواجه الوطن والمجتمع و برامج التنمية المستدامة وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ينشدها المجتمع والدولة
وتمثل برامج التوعية الثقافية في هذه المرحلة من تاريخ اليمن أولوية وأهمية كبيرة ل

قد يعجبك ايضا