قضية للنقاش

سامي عـــطا

 - حجب الجائزة... صرامة لجنة أم ضعف المنهج¿

قبل بضع سنوات وفي ليلة رمضانية أقام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع عدن أمسية كرم فيها رئيس مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم الأستاذ فيصل سعيد فارع
حجب الجائزة… صرامة لجنة أم ضعف المنهج¿

قبل بضع سنوات وفي ليلة رمضانية أقام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع عدن أمسية كرم فيها رئيس مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم الأستاذ فيصل سعيد فارع وعلى هامش هذه الأمسية أثيرت قضية الحجب السنوي للجائزة في أكثر من مجال وأذكر أن رئيس المؤسسة حينها قال: إن الحجب يأتي بسبب عدم ارتقاء البحوث المقدمة (على الرغم من كثرتها) إلى مصاف البحوث العلمية وقرأت وسمعت عددا من وجهات النظر المتذمرة من قرارات لجان تحكيم المؤسسة هذه قضية تستحق منا النقاش المستفيض, وجاءت نتائج الأعوام اللاحقة وهذا العام أيضا بالنتيجة نفسها حجب الجائزة عن عدد من فروعها وللسبب نفسه عدم ارتقاء البحوث المقدمة إلى مصاف البحوث العلمية التي تستحق الجائزة.
وكنت كتبت مقال في صحيفة النداء على هامش توزيع جائزة المؤسسة للعام 2009م ناقشت فيه هذه المشكلة, وهذا المقال يواصل طرح السؤال أين الخلل¿ وما العمل¿, هل الخلل في لجنة تحكيم الأبحاث أم في الأبحاث¿ إن من يتابع جذور هذه المسألة سيجدها مسألة تم التنبيه لها مبكرا فمنذ 30 عاما أو نحوه أشار أستاذنا أبو بكر السقاف (أطال الله عمره) إلى هذه المسألة في مقالين: أحدهما نشر في مجلة الحكمة عدد أبريل /مايو 1983 والمقال عبارة عن إشادة برسالة دكتوراه لأحد الباحثين (أيمن فؤاد السيد) تحت عنوان “المذاهب الدينية في بلاد اليمن وأثرها في الحياتين العقلية والسياسية في القرنين الخامس والسادس الهجري”. والمقال الآخر نشر تحت عنوان “لم المنهج” عبارة عن مقالة افتتاحية لمجلة دراسات يمنية التي تصدر عن مركز الدراسات والبحوث اليمني صنعاء عدد 8/9يونيو ويوليو 1982حيث يعزو المشكلة إلى ” غياب المنهج في الدراسات الطبيعية والإنسانية” ويستدرك مميزا بين الحقلين قائلا ” وإذا كان المشتغلون بالعلوم الطبيعية لا يثيرون هذه المسألة فذلك لأن مشاكلهم لم تستطع أن تكون هما عاما كما هي الحال مع الدراسات الإنسانية” وذلك لأن ” الاعتماد على العالم المتقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا يساعد على عدم طرح هذا الأشكال في الأوساط العلمية العربية”. وعلى الرغم من مرور ما يناهز الثلاثين عاما إلا أن المشكلة لا زالت حاضرة وتطل برأسها, ولم تجد حلا .فلقد شكا أستاذنا من ضعف المنهج في كثير من الدراسات والبحوث في الجامعات العربية ونبه إلى أهمية وضرورة أن يمتلك الباحث ناصية المنهج عند الشروع في البحث وخلص إلى أن ضعف الأبحاث يفصح عن “أزمة منهج” لدى الباحثين.
وخلال السنوات القليلة الماضية,تعالى الضجيج الصاخب في أكثر من جامعة, وشكلت لجان تقييم مقررات الجامعات, وخلصت هذه الورش إلى ضرورة هذا التغيير وإيلاء”جودة التعليم” أهمية في برامج وسياسات الجامعات وخلص هذا الضجيج إلى ضرورة “إصلاح التعليم الجامعي” وعند تشخيص أسباب تدني مستوى المخرجات اتجهت الأصابع تشير إلى مقررات الأقسام وضرورة تغييرها كي تواكب المعارف الجديدة, ومع أنها ليست المرة الأولى خلال العشرين عاما الماضية التي يجري تغيير مقررات التعليم العالي إلا أنه في كل مرة يجري التغيير فيها تأتي مخرجات التعليم أسوأ من سابقاتها والسؤال المهم الذي يبرز هنا أين الخلل¿
من خلال معرفتي المتواضعة أعتقد أن الخلل يكمن في أن هذه المشكلة كغيرها من المشكلات في المجتمع يجري التعامل معها باستخفاف وتبسيط مخل مع أنها تمثل مفتاح حل معظم مشكلات المجتمع لأنها تتعلق بفرع رئيس ومهم في التنمية الغائبة أي التنمية البشرية فالتنمية البشرية عماد التنمية وأساسها ولا يمكن إحداث تنمية ما ناهيك عن استمرارها دون تنمية الموارد البشرية.
منذ سنين خلت ونحن نسمع عن ورش عمل وندوات تقام هنا وهناك تدعو إلى ضرورة تغيير في مقررات الأقسام لمواكبة تطور المعارف واتساعها, وتغيير المقررات وتقييمها عملية تحدث في كل الجامعات بشكل دوري, وكل برنامج دراسي يدخل التعليم الجامعي ويظل فيها كم عام, يخضع خلالها للتقييم المستمر,حتى يأتي الوقت الذي يجري تغييره , كي يواكب الانفجار المعرفي الهائل.
وخلال وجودي في الجامعة شهدت عددا من برامج تحديث المقررات الجامعية, لكن عملية التغيير لم تستند على أسس منطقية ومنهجية وعلمية سليمة وأكتنفها الكثير من العشوائية والمزاجية, وأخذت بعض الأقسام تصيغ مقرراتها وتعمل كجزر معزولة بعضها عن البعض الآخر حيث جرى فيها إقرار وتفصيل مقررات للاستنهاج في التخصصات المختلفة بأنانية مفرطة ودون روية حيث تم إلغاء مقررات لها أهمية بالغة,وعلى اعتبار أنها مقررات لا لزوم

قد يعجبك ايضا