مشكلة الطرق ليست المطبات فقط
محمد العريقي

من الأمور الجيدة والغريبة في الوقت نفسه أن تطرح ظاهرة المطبات التي انتشرت في طرق الخطوط الطويلة على اجتماع مجلس الوزراء يوم الأحد السادس من ابريل الحالي بناء على تقرير وزير الأشغال العامة والطرق, الشيء الجيد ان تطرح هذه المشكلة أمام الحكومة لما لها من خطورة على السلامة المرورية وتسير ضحيتها الكثير من الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وعلى الاقتصاد الوطني , كما جاء في التقرير , والشيء الجيد أيضا أن الحكومة تحمست وشكلت لجنة طويلة عريضة من عدد من الجهات المختصة لمناقشة التقرير , يطول هنا ذكرها لكثرة عددها وصعب أيضا أن نورد تفاصيل الخبر المتعلق بهذه القضية, من حيث المبدأ نثني على الحكومة أن تأخذ الموضوع بهذه الجدية , ولكن العبرة فيما سيسفر من عمل فعلي بالواقع , ومن حيث الغرابة , كأن هذه المشكلة وليدة الشهور الماضية , أو هي نبتة شيطانية تنبهت لها الجهة المختصة بين عشية وضحاها , بينما في حقيقة الأمر هي ظاهرة مزمنة , تضايق منها كل من مر وسافر على تلك الطرق , وكثر التعاطي الإعلامي المسموع والمقروء والمرئي منذ سنوات لهذه القضية , وعلى وجه التحديد من قبل ( صحيفة الثورة ) في الكثير من التناولات .
وكانت ولا تزال كل المناشدات تتجه للجهات المختصة بضرورة وضع حد لهذه المشكلة الخطيرة , والآن لاشك إنها معقدة لدرجة ان الحكومة تشكل لها هذه اللجنة الطويلة العريضة , بعد أن كانت ولاتزال هذه المطبات سببا في الخسائر البشرية والمادية , والله يعلم كم من التكاليف التي سترصد لإزالتها , وكم من المشاكل ستبرز مع من وضعوا تلك المطبات ¿¿, وكان الأحرى بالجهات المعنية أن تكون مسؤولة وتجسد النظام والقانون وهيبة الدولة في وقتها , وتتصدى وتعاقب من يلجأ لمثل تلك التصرفات.
وفي كل الأحوال نحن بانتظار ماذا سيكون في الواقع من مخرجات هذه اللجنة .
وبالمناسبة أود أن أشير هنا إلى أن مشكلة الطرق الطويلة في اليمن لا تقتصر على المطبات فقط , فالكثير من الطرق وهي تربط العديد من المحافظات لا يتجاوز عرضها , عرض شارع فرعي أو زقاق في أي مدينة , مع أن طولها يصل إلى مئات الكيلو مترات ( خط صنعاء الحديدة نموذج) والآن هناك الكثير من الدراسات لتوسيع هذه الطرق , وتخيلوا كم من النفقات سيكلف ذلك , أو ليس من الضروري أن يتم ذلك من وقت مبكر , لأن هذا التوسع الذي أصبح ضروريا جدا سيكون مكلفا , ومضنيا عند التنفيذ , ولكنه مهم , وشيء جيد أن يبدأ العمل به في بعض الطرقات وخاصة طريق صنعاء تعز , حاليا ظهرت بوادره من صنعاء إلى ذمار .
المشكلة العويصة في الطرق الطويلة أن الوضع ظل سائبا , ولم تفرض الجهات المعنية حرمة للطريق الذي يمنع فيها إقامة أي بناء لمنشأة عامة أو خاصة على محاذاتها مباشرة , لكن الملاحظ الآن أن الواقع الفعلي العشوائي هو الذي حدد ورسم مسار الطرق فأصبحت المباني والأسواق الشعبية , والتجمعات السكنية تضيق الخناق حول تلك الطرق من كل الجهات ولم يتبق إلا قليل من الأمتار لا تصلح حتى لخط سير باتجاه واحد.
أما عن معايير السلامة المرورية فتفتقد تلك الطرق للكثير منها , الفنيون في مواصفات الطرق الطويلة يعرفون ذلك , ويكفي الإشارة هنا إلى أن الكثير من اللوحات الإرشادية التي كانت تنتشر في الطرق الطويلة التي كانت تنبه للانحدارات والانحناءات الخطيرة , وخطورة التجاوزات وغير ذلك من التنبيهات التي تجعل السائق في يقظة من أمره كلها اختفت .
ولذلك ومادام في الأمر لجان ولفت انتباه نحو الطرق الطويلة لماذا لا يضاف إلى أعمال هذه اللجنة دراسة كل ما يتعلق من المتطلبات اللازمة الفنية وغيرها للوصول إلى تنفيذ طرق بمعايير الجودة التي تجعل السير فيها أكثر أمنا وسلامة , كما هو الحال في الطرق الطويلة في الدول الأخرى التي لاشك أن الكثير من المسؤولين والمختصين عبروا فيها, ويصل عرض بعضها من ستين إلى مائة متر , فأين الاقتداء الايجابي بالآخرين وأين مخرجات العلم والتعليم في هذه المجالات ¿