لماذا يتخلف النقد¿!

لقاءات/ محمد صالح الجرادي

ما أكثر ما بقى مشهد النقد الأدبي في اليمن عرضة للانتقاد وما أقل أن تبلورت خلال العقدين الماضيين حركته عن إسهامات هي في طبيعتها أقل من أن توصف بمواكبتها لمنتوج أدبي تفصح عن غزارته منذ مئات الإصدارات الشعرية والسردية على وجه الخصوص.
هذه الوضعية النقيظة لمبدأ فاعلية النقد بفاعلية حركة المنتوج الأدبي نضعها مجددا على مشرط النقاش ونحسب في هذا الحيز وضعها في المتن لا الهامش!!

حين توجهنا بالسؤال إلى الدكتور حيدر غيلان وهو أستاذ في كلية اللغات جامعة صنعاء رفض الطرح القائل بغياب حركة نقدية مواكبة لمنتوح أدبي غزير في المشهد الإبداعي اليمني وشدد هناك مواكبة نقدية غير أن الإشكالية تكمن في غياب الصحافة وإحجامها عن تغطية الجهود النقدية الأدبية التي أنجزت أو التي ما زالت في طور الإنجاز.
وعلى النقيض مما ساقه الدكتور غيلان يذهب الدكتور عبدالحميد الحسامي أستاذ النقد الحديث بجامعة الملك خالد إلى التأكيد على تفوق النتاج الأدبي شعريا وسرديا عن المنتج النقدي ويقر بغياب الفاعلية النقدية في المشهد الأدبي اليمني عدا في دراسة الظواهر القديمة التقليدية أو استنساخ الدراسات المنجزة في الأفق العربي وقليل جرى الالتفات إلى المشهد اليمني المعاصر.
وانتقد الدكتور الحسامي المؤسسات التي يعول عليها في إثراء المنتوج الإبداعي والنقدي والجامعات وهو أحد منتسبيها والمنتمين إلى حقل النقد واصفا هذه المؤسسات بأنها تعيش داخل دائرة الغياب خارج دائرة الحضور” وقال : إن أقسام اللغة العربية وآدابها في جامعاتنا خارج نطاق التغطية فأي نقد ننتظر¿ وممن إن فاقد الشيء لا يعطيه.
ويحدث أن تؤخذ وجهة النظر التي .. الدكتور الحسامي في تعرضه للرسالة النقدية الأدبية للمؤسسات الأكاديمية على أنها وجهة نظر متطرفة في الواقع بالنظر إلى دفاع الدكتور حيدر غيلان عن الدور الأكاديمي في هذه العملية فالنقد الأدبي هو ذلك الذي يشمل الدراسات والرسائل الجامعية التي تكاد تغطي حاليا معظم الظواهر البارزة في الأدب اليمني مضيفا: تستطيع أن تتأكد من صحة ما أطرحه من خلال مراجعة رسائل الدكتوراه والماجستير التي أنجزت أو التي في طور الإنجاز لا سيما تلك التي تعالج الأدب الحديث في اليمن.
نقد أعمال خارجية
لكن ليست الصورة مثالية إلى هذا الحد في واقع يشير إلى مظاهر تخلف الحركة النقدية عن مرافقة أو مواكبة نتاج إبداعي هائل وظاهر وتكاد تلخص هذه الإشارة عديد وجهات نظر لشعراء ومشتغلين في النقد خارج المؤسسات الأكاديمية الجامعات” وبالقياس إلى عدد ما تشر من مجموعات شعرية وقصصية وروائية والحديث للشاعر والناقد محمد المنصور نجد أن الإدارات النقدية لا تمثل سوى العدد اليسير منذ التسعينيات على الأقل.
وبتعبير المنصور فإن قلة إسهام الدرس النقدي الأكاديمي في الجامعات اليمنية المتعددة يمثل أحد أبرز أسباب انحسار المواكبة النقدية لحركة النشاط الإبداعي الأدبي إذ أن هذه الدروس النقدية تخصص معظم جهودها في نقد الأعمال الأدبية لشعراء ومبدعين من خارج اليمن وإذا ما اقتربت من اليمن فهي بالكاد تلامس الشعراء الجدد وشعراء الحداثة.
أيضا يؤكد المنصور أن من بين أسباب التخلف النقذي في الحالة الأدبية اليمنية يعود إلى الصعوبات المتعددة المتصلة بضعف التعليم لتخليق وإيجاد الناقد المتخصص ابتداء من المدرسة وانتهاء بالجامعة بالإضافة إلى غياب الاعتراف المجتمعي بدور الناقد وعدم توافر شروط الحرية لممارسة النقد الأدبي.
نقاد للمجاملات
وفي السياق الذي يتصل بطبيعة المنتوج النقدي الأدبي يأسف المنصور أن الأغلب في هذا المنتوج تنطبق عليه صفة المجاملاتية والانطباعية وهي حالة تؤخذ على كثير من النقاد اليمنيين الذين لا يتفق الدكتور عبدالحميد الحسامي مع هذا المأخذ عليهم فحسب وإنما هم بحسب تعبيره مشغولون بالثرثرة والمناكفات السياسية ويستهويهم المشاكسات الحزبية أكثر مما تستهويهم قراءة كتاب نقدي وأن النشط منهم يكتب بحوث الترقية وينطفئ كما ينطفئ سراج قديم أمام صولة الرياح.
أزمة نقدية
ويعكس ما تقدم طرحه ينفي الشاعر محمد العديني أن تكون المهمة الوحيدة للنقد هي تتبع الأعمال الأدبية والكتابة عنها فهو يرى أن النقد اليوم صار نصا أو مشروعا إبداعيا قائما بذاته وإذ يعترف بوجود أزمة نقدية في الحالة اليمنية الإبداعية إلا أنه يحددها في مرجعياته الفكرية وطبيعة خطابه المعاصر وجهازه المفاهيمي الاصطلاحي ويقترح العديني أن يكون السؤال اليوم في ما يتصل بالنقد هو: كيف يقرأ هذا النص النقدي بوصفه قراءة في العالم وليس خارجه”

قد يعجبك ايضا